للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرنا كقوله عز وجل: يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ [غافر: ١٠] ، فقوله إِذْ [غافر: ١٠] معلق بقوله لَمَقْتُ اللَّهِ [غافر: ١٠] وهو قد أخبر عنه وإنما جاز هذا في الظروف خاصة، وكذلك منع أبو علي أن يكون قوله مَكاناً قصيا على الظرف الساد مسد المفعول.

قال القاضي أبو محمد: وفي هذا نظر ومنع قوم أن يكون مَكاناً نصب على المفعول الثاني بتخلفه، وجوزه جماعة من النحاة ووجهه أن يتسع في أن يخلف الوعد. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع والكسائي «سوى» بكسر السين، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة «سوى» بضمها، والجمهور نون الواو، وقال أبو الفتح ترك الصرف هنا مشكل والذي ينبغي أن يكون محمولا على الوقف، وقرأت فرقة «سوى» ذكره أبو عمرو عن ابن أبي عبلة ومعنى «سوى» أي عدلا ونصفة قال أبو علي: فكأنه قال «مكانا» قربه منكم قربه منا (ع) إنما أراد أن حالنا فيه مستوية فيعم ذلك القرب وأن تكون المنازل فيه واحدة في تعاطي الحق أي لا يعترضكم فيه الرياسة وإنما تقصد الحجة. وسُوىً لغة في سوى ومن هذه اللفظة قول الشاعر [موسى ابن جابر الحنفي] [الطويل]

وإن أبانا كان حل ببلدة ... سوى بين قيس قيس عيلان والفزر

وقالت فرقة مستويا من الأرض لا وهد فيه ولا نشز، وقالت فرقة معناه سوى مكانا هذا فقال موسى مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ اتسع في الظرف من قرأه برفع «يوم» فجعله خبرا، وقرأ الحسن والأعمش والثقفي «يوم» بالنصب على الظرف والخبر مقدر، وروي أن يَوْمُ الزِّينَةِ كان عيدا لهم ويوما مشهورا وصادف يوم عاشوراء وكان يوم سبت وقيل هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم. وقوله وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ عطف على الزِّينَةِ فهو في موضع خفض، ويحتمل أن يكون في موضع رفع على تقدير وموعدكم أن يحشر الناس، ويقلق عطفه على «اليوم» ، وفيه نظر، وقرأ الجمهور «حشر الناس» رفعا وقرأ ابن مسعود والخدري وجماعة «يحشر الناس» بفتح الياء وضم الشين ونصب «الناس» وقرأت فرقة «نحشر الناس» بالنون. والحشر الجمع ومعناه نحشر الناس لمشاهده المعارضة والتهيؤ لقبول الحق حيث كان.

قوله عز وجل:

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٦٠ الى ٦٤]

فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤)

المعنى فَجَمَعَ السحرة ووعدهم وأمرهم بالإعداد لموسى، وروي أمرهم، فهذا هو كَيْدَهُ، ثُمَّ أَتى فرعون بجمعه وأهل دولته والسحرة معه وكانت عصابة لم يخلق الله أسحر منها وجاء أيضا موسى عليه السلام ببني إسرائيل معه فقال موسى للسحرة وَيْلَكُمْ وهذه مخاطبة محذرة ندبهم في هذه الآية إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>