وفي قوله فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ قوة وصف شهادتهم بنهاية الزور، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ يريد لا تنحط في شهوات الكفرة وتوافقهم على محابهم والَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ عطف نعت على نعت، كما تقول جاءني زيد الكريم والعاقل، هذا مذهب عظم الناس، وقال النقاش: نزلت في الدهرية من الزنادقة. وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ أندادا يسوونهم به، وإن كانت في الزنادقة فعدلهم غير هذا.
هذا أمر من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعوا جميع الخلق إلى سماع تلاوة ما حرم الله بشرع الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر، وتَعالَوْا معناه أقبلوا، وأصله من العلو فكأن الدعاء لما كان أمرا من الداعي استعمل فيه ترفيع المدعو، وتعالى هو مطاوع عالى، إذ تفاعل هو مطاوع فاعل.
وأَتْلُ معناه اسردوا نص من التلاوة التي يصح هي اتباع بعض الحروف بعضا، وما نصب بقوله أَتْلُ وهي بمعنى الذي، وقال الزجّاج أن يكون قوله أَتْلُ معلقا عن العمل وما نصب ب حَرَّمَ.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا قلق وأن في قوله «أن لا تشركوا» يصح أن تكون في موضع رفع الابتداء التقدير، الأمر أن أو ذلك أن، ويصح أن تكون في موضع نصب على البدل من ما قاله مكي وغيره.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: والمعنى يبطله فتأمله، ويصح أن يكون مفعولا من أجله التقدير إرادة أن لا تشركوا به شيئا، إلا أن هذا التأويل يخرج أن لا تشركوا من المتلو ويجعله سببا لتلاوة المحرمات، وتُشْرِكُوا يصح أن يكون منصوبا بأن، ويتوجه أن يكون مجزوما بالنهي وهو الصحيح في المعنى المقصود، وأن قد توصل بما نصبته، وقد توصل بالفعل المجزوم بالأمر والنهي، وشَيْئاً عام يراد به كل معبود من دون الله، وإِحْساناً نصب على المصدر وناصبه فعل مضمر من لفظه تقديره وأحسنوا بالوالدين إحسانا والمحرمات تنفك من هذه المذكورات بالمعنى وهي الإشراك والعقوق وقرب الفواحش وقتل النفس وقال كعب الأحبار: هذه الآيات مفتتح التوراة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ إلى آخر الآية، وقال ابن عباس هذه الآيات هي المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران اجتمعت عليها شرائع الخلق ولم تنسخ قط في ملة، وقد قيل إنها العشر الكلمات المنزلة على موسى، وإن اعترض من قال إن تُشْرِكُوا منصوب بأن بعطف المجزومات عليه فذلك موجود في كلام العرب، وأنشد الطبري حجة لذلك:[الرجز] .