للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة التّين

قوله عز وجل:

[سورة التين (٩٥) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)

ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨)

اختلف الناس في معنى التِّينِ وَالزَّيْتُونِ اللذين أقسم الله تعالى بهما، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل: هو التِّينِ الذي يؤكل وَالزَّيْتُونِ الذي يعصر، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه تينا أهدي إليه، فقال: «لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس» ، وقال عليه السلام: «نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي» ، وقال كعب وعكرمة: القسم بمنابتها، وذلك أن التِّينِ ينبت بدمشق، وَالزَّيْتُونِ ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين، وقال قتادة: هما جبلان بالشام، على أحدهما دمشق، وعلى الآخر بيت المقدس، وقال ابن زيد: التِّينِ مسجد دمشق، وَالزَّيْتُونِ مسجد إلياء، وقال ابن عباس وغيره: التِّينِ مسجد نوح وَالزَّيْتُونِ مسجد إبراهيم، وقيل التِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ، ثلاثة مساجد بالشام، وقال محمد بن كعب القرظي: التِّينِ مسجد أصحاب الكهف، وَالزَّيْتُونِ مسجد إيلياء، وأما طُورِ سِينِينَ، فلم يختلف أنه جبل بالشام كلم الله عليه موسى، ومنه نودي، وفيه مسجد موسى فهو الطور، واختلف في قوله سِينِينَ، فقال مجاهد وعكرمة: معناه حسن مبارك، وقيل معناه ذو الشجر، وقرأ الجمهور بكسر السين «سينين» ، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو رجاء بفتح السين وهي لغة بكر وتميم «سينين» ، وقرأ عمر بن الخطاب وطلحة والحسن وابن مسعود: «سيناء» بكسر السين، وقرأ أيضا عمر بن الخطاب: «سيناء» بالفتح، والْبَلَدِ الْأَمِينِ مكة بلا خلاف، وقيل معنى سِينِينَ: المبارك، وقيل معنى سِينِينَ: شجر واحدتها سينية، قاله الأخفش سعيد بن مسعدة و «أمين» : فعيل من الأمن بمعنى آمن أي آمن من فيه ومن دخله وما فيه من طير وحيوان، والقسم واقع على قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ينبغي له، ولا يدفع هذا أن يكون غيره من المخلوقات كالشمس وغيرها أحسن تقويما منه بالمناسبة، وقال بعض العلماء بالعموم أي «الإنسان» أحسن المخلوقات تقويما، ولم ير قوم الحنث على من حلف بالطلاق أن زوجته

<<  <  ج: ص:  >  >>