مواضعها بما يقع من المسحور عبر عنهم بذلك، وقالت فرقة تُسْحَرُونَ معناه تمنعون، وحكى بعضهم ذلك لغة، وقرأ ابن محيصن «العظيم» برفع الميم ومَلَكُوتُ مصدر في بناء مبالغة والإجارة المنع من الإنسان والمعنى أن الله إذا منع أحدا فلا يقدر عليه، وإذا أراد أحدا فلا مانع له، وكذلك في سائر قدرته وما نفذ من قضائه لا يعارض ذلك شيء ولا يحيله عن مجراه.
المعنى ليس الأمر كما يقولون من نسبتهم إلى الله تعالى ما لا يليق به بَلْ أَتَيْناهُمْ وقرأ ابن أبي إسحاق «بل آتيناك» على الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولَكاذِبُونَ يراد فيما ذكروا الله تعالى به من الصاحبة والولد والشريك، وفي قوله تعالى: وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ دليل على التمانع وهذا هو الفساد الذي تضمنه قوله ولَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢٢] والجزء المخترع محال أن يتعلق به قدرتان فصاعدا أو يختلف الإلهان في إرادة فمحال نفوذهما ومحال عجزهما فإذا نفذت إرادة الواحد فهو العالي والآخر ليس بإله، فإذا قيل نقدرهما لا يختلفان في إرادة قيل ذلك بفرض، فإذا جوزه الكفار قامت الحجة فإن ما التزم جوازه جرى ما التزم وقوعه، وقوله إِذاً جواب لمحذوف تقديره لو كان معه إله إِذاً لَذَهَبَ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم «عالم» بكسر الميم اتباعا للمكتوبة في قوله سُبْحانَ اللَّهِ، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم «عالم» بالرفع والمعنى هو «عالم» قال الأخفش: الجر أجود ليكون الكلام من وجه واحد قال أبو علي: ووجهه الرفع إن الكلام قد انقطع.
قال الفقيه الإمام القاضي: والابتداء عندي أبرع والفاء في قوله فَتَعالى عاطفة بالمعنى كأنه قال:
علم الغيب والشهادة فَتَعالى وهذا كما تقول زيد شجاع فعظمت منزلته ويحتمل أن يكون المعنى فأقول تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ على إخبار مؤتنف، والْغَيْبِ ما غاب عن الناس والشَّهادَةِ ما شهدوه.