شيء، وقوله تعالى: لا تَحْمِلُ يجوز أن يريد من الحمل أي لا تستقل ولا تنظر في ادخار، وقاله ابن مجلز ومجاهد وعلي بن الأقمر.
قال الفقيه الإمام القاضي: والادخار ليس من خلق الموقنين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر:«كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس يخبئون رزق سنة بضعف اليقين» ، ويجوز أن يريد من الحمالة أي لا تتكفل لنفسها ولا تروي فيه، ثم خاطبه تعالى بأمر الكفار وإقامة الحجة عليهم بأنهم إن سئلوا عن الأمور العظام التي هي دلائل القدرة لم يكن لهم إلا التسليم بأنها لله تعالى، ويُؤْفَكُونَ معناه يصرفون، ونبه تعالى على خلق السماوات وخلق الأرض وتسخير الكواكب وذكر عظمها فاقتضى ذلك ما دونه، ثم نبه على «بسط الرزق» وقدره لقوم، وإنزال المطر من السماء، وهذه عبر كفيلة لمن تأمل بالنجاة والمعتقد الأقوم، ثم أمر تعالى نبيه بحمده على جهة التوبيخ لعقولهم وحكم عليهم بأن أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ولا يتسدد منهم نظر.
وصف الله تعالى الدُّنْيا في هذه الآية بأنها لَهْوٌ وَلَعِبٌ أي ما كان منها لغير وجه الله تعالى، فأما ما كان لله فهو من الآخرة، وأما أمور الدنيا التي هي زائدة على الضروري الذي به قوام العيش والقوة على الطاعات فإنما هو لَهْوٌ وَلَعِبٌ، وتأمل ذلك في المطاعم والملابس والأقوال والمكتسبات وغير ذلك، وانظر أن حالة الغني والفقير في الأمور الضرورية واحدة كالتنفس في الهواء وسد الجوع وستر العورة وتوقي الحر والبرد وهذه عظم أمر العيش، والْحَيَوانُ والْحَياةُ بمعنى واحد، وهو عند الخليل وسيبويه مصدر كالهيمان ونحوه، والمعنى لا موت فيها قاله مجاهد وهو حسن، ويقال أصله حييان فبدلت إحداهما واوا لاجتماع المثلين، ثم وقفهم تعالى على حالهم في البحر عند الخوف العظيم، فإن كل بشر ينسى كل صنم وغيره ويتمسك بالدعاء والرغبة إلى الله تعالى، وقوله إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ أي يرجعون إلى ذكر أصنامهم، وتعظيمها، وقوله لِيَكْفُرُوا نصب بلام كي، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم «وليتمتعوا» بكسر اللام، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي «وليتمتعوا» بسكون اللام على صيغة الأمر التي هي للوعيد والتهديد، والواو على هذا عاطفة جملة كلام، لا عاطفة فعل على فعل وفي مصحف أبي بن كعب «فتمتعوا فسوف تعلمون» ، وفي قراءة ابن مسعود «لسوف تعلمون» باللام، ثم عدد تعالى على كفار قريش نعمته عليهم في الحرم في أنه جعله لهم آمنا لا خوف فيه من أحوال العرب وغارتهم وسوء أفعالهم من القتل وأخذ الأموال ونحوه، وذلك هو «التخطف» الذي كان الناس بسبيله، ثم قررهم على جهة التوبيخ