، ويصح نصبه ب يَتَعارَفُونَ، والكاف من قوله كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يصح أن تكون في معنى الصفة لليوم، ويصح أن تكون في موضع نصب للمصدر، كأنه قال ويوم نحشرهم حشرا كأن لم يلبثوا، ويصح أن يكون قوله كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا في موضع الحال من الضمير في يَحْشُرُهُمْ وخصص النَّهارِ بالذكر لأن ساعاته وقسمه معروفة بيّنة للجميع، فكأن هؤلاء يتحققون قلة ما لبثوا، إذ كل أمد طويل إذا انقضى فهو واليسير سواء، وأما قوله يَتَعارَفُونَ فيحتمل أن يكون معادلة لقوله: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كأنه أخبر أنهم يوم الحشر يَتَعارَفُونَ، وهذا التعارف على جهة التلاوم والخزي من بعضهم لبعض. ويحتمل أن يكون في موضع الحال من الضمير في يَحْشُرُهُمْ ويكون معنى التعارف كالذي قبله، ويحتمل أن يكون حالا من الضمير في يَلْبَثُوا ويكون التعارف في الدنيا، ويجيء معنى الآية ويوم نحشرهم للقيامة فتنقطع المعرفة بينهم والأسباب ويصير تعارفهم في الدنيا كساعة من النهار لا قدر لها، وبنحو هذا المعنى فسر الطبري، وقرأ السبعة وجمهور الناس «نحشرهم» ، بالنون، وقرأ الأعمش فيما روي عنه، «يحشرهم» بالياء، وقوله قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ إلى آخرها حكم على المكذبين بالخسار وفي اللفظ إغلاظ على المحشورين من إظهار لما هم عليه من الغرر مع الله تعالى، وهذا على أن الكلام إخبار من الله تعالى وقيل: إنه من كلام المحشورين على جهة التوبيخ لأنفسهم، وقوله تعالى: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ الآية، إِمَّا شرط وجوابه فَإِلَيْنا، والرؤية في قوله نُرِيَنَّكَ رؤية بصر وقد عدي الفعل بالهمزة فلذلك تعدى إلى مفعولين أحدهما الكاف والآخر بَعْضَ، والإشارة بقوله بَعْضَ الَّذِي إلى عقوبة الله لهم نحو بدر وغيرها، ومعنى هذه الآية الوعيد بالرجوع إلى الله تعالى أي إن أريناك عقوبتهم أو لم نركها فهم على كل حال راجعون إلينا إلى الحساب والعذاب ثم مع ذلك فالله شهيد من أول تكليفهم على جميع أعمالهم ف ثُمَّ هاهنا لترتيب الإخبار لا لترتيب القصص في أنفسها، وإما هي «إن» زيدت عليها «ما» ولأجلها جاز دخول النون الثقيلة ولو كانت إن وحدها لم يجز.
قوله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ، إخبار مثل قوله تعالى: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى [الملك: ٨] وقال مجاهد وغيره: المعنى فإذا جاء رسولهم يوم القيامة للشهادة عليهم صير قوم للجنة وقوم للنار فذلك «القضاء بينهم بالقسط» وقيل: المعنى فإذا جاء رسولهم في الدنيا وبعث صاروا من حتم الله بالعذاب لقوم والمغفرة لآخرين لغاياتهم، فذلك قضاء بينهم بالقسط، وقرن بعض المتأولين هذه الآية بقوله وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: ١٥] وذلك يتفق إما بأن نجعل مُعَذِّبِينَ [الإسراء: ١٥] في الآخرة، وإما بأن نجعل «القضاء بينهم» في الدنيا بحيث يصح اشتباه