للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقين ليبين الفرق ويقع التحريض على الإيمان. والمتقون هنا: متقو الشرك. لأنهم لا بد من مصيرهم إلى الجنات، وكلما زادت الدرجة في التقوى قوي الحصول في حكم الآية، حتى أن المتقين على الإطلاق هم في حكم الآية قطعا على الله بحكم خبره الصادق.

وقرأ الجمهور: «فاكهين» ومعناه: فرحين مسرورين. وقال أبو عبيدة: هو من باب لابن وتامر أي لهم فاكهة.

قال القاضي أبو محمد: والمعنى الأول أبرع.

وقرأ خالد فيما حكى أبو حاتم «فاكهين» والفكه والفاكه: المسرور المتنعم.

وقوله: بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ: أي من إنعامه ورضاه عنهم وقوله: وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ هذا متمكن ومتقي المعاصي الذي لا يدخل النار ويكون متقي الشرك الذي ينفذ عليه الوعيد بمعنى:

ووقاهم ربهم عذاب الخلود في الجحيم. ويحتمل أن يكون الْجَحِيمِ من طبقات جهنم ليست بمأوى للعصاة المؤمنين، بل هي مختصة بالكفرة فهم وإن عذبوا في نار فليسوا في عذاب الجحيم.

وقرأ جمهور الناس: «ووقاهم» بتخفيف القاف. وقرأ أبو حيوة: «ووقّاهم» بتشديدها على المبالغة، وذلك كله مشتق من الوقاية، وهي الحائل بين الشيء وما يضره والمعنى: يقال لهم كُلُوا وَاشْرَبُوا.

وقوله: بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ معناه: أن رتب الجنة ونعيمها هو بحسب الأعمال وأما نفس دخولها فهو برحمة الله وتغمده، والأكل والشرب والتهني ليس من الدخول في شيء، وأعمال العباد الصالحة لا توجب على الله التنعيم إيجابا، لكنه قد جعلها أمارة على من سبق تنعيمه، وعلق الثواب والعقاب بالتكسب الذي في الأعمال. وقوله تعالى: مُتَّكِئِينَ نصب على الحال على حد قوله: فاكِهِينَ والعامل في هاتين الحالتين الفعل المقدر في قوله: فِي جَنَّاتٍ ويجوز غير هذا، وفي ذلك نظر، وقرأ أبو السمال: «على سرر» بفتح الراء الأولى. و: زَوَّجْناهُمْ معناه: جعلنا لكل فرد منهم زوجا، والحور: جمع حوراء، وهي البيضاء القوية بياض بياض العين وسواد سوادها، و «العين» جمع عيناء وهي الكبيرة العينين مع جمالهما.

وفي قراءة ابن مسعود وإبراهيم النخعي: «وزوجناهم بعيس عين» ، قال أبو الفتح: العيساء البيضاء. وقرأ عكرمة: «وزوجناهم حورا عينا» . وحكى أبو عمرو عن عكرمة أنه قرأ «بعيس عين» على إضافة «عيس» إلى «عين» .

قوله عز وجل:

[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٢١ الى ٢٨]

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥)

قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>