هذا على هذه الرواية، ويروى عثرة وحبور، وهي أكثر وذكر تعالى «الروضة» لأنها من أحسن ما يعلم من بقاع الأرض، وهي حيث اكتمل النبت الأخضر وجن وما كان منها في المرتفع من الأرض كان أحسن، ومنه قول الأعشى:[البسيط]
وما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسل هطل
ومنه قول كثير:[الطويل]
فما روضة طيبة الثرى ... تمج الندا جثجاثها وعرارها
قال الأصمعي: ولا يقال «روضة» حتى يكون فيها ماء يشرب منه، ومُحْضَرُونَ معناه مجموعون له لا يغيب أحد عنه، وقوله تعالى: فَسُبْحانَ اللَّهِ خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات، كأنه يقول إذ هذه الفرق هكذا من النعمة والعذاب فجدوا أيها المؤمنون في طريق الفوز برحمة الله، وقال ابن عباس وقتادة وبعض الفقهاء: في هذه الآية تنبيه على أربع صلوات: المغرب والصبح والعصر والظهر، قالوا والعشاء هي الآخرة في آية أخرى في زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ [هود: ١١٤] وفي ذكر أوقات العورة، وقال ابن عباس أيضا وفرقة من الفقهاء: في هذه الآية تنبيه على الصلوات الخمس لأن قوله تعالى حِينَ تُمْسُونَ يتضمن الصلاتين، وقوله وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اعتراض بين الكلامين من نوع تعظيم الله تعالى والحض على عبادته، وقرأ عكرمة «حينا تمسون وحينا تصبحون» والمعنى حين تمسون فيه.
الْحَيَّ والْمَيِّتِ في هذه الآية يستعمل حقيقة ويستعمل مجازا، فالحقيقة المني يخرج منه الإنسان والبيضة يخرج منها الطائر وهذه بعينها ميتة تخرج من حي وما جرى هذا المجرى، وبهذا المعنى فسر ابن عباس وابن مسعود وقال الحسن: المعنى المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
قال الفقيه الإمام القاضي: وروي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية عند ما كلمته بالإسلام أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، والمجاز إخراج النبات الأخضر من الأرض وإخراج الطعم من النبات وما جرى هذا المجرى، ومثل بعد إحياء الأرض بالمطر بعد موتها