للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المركوب، والضمير في: ظُهُورِهِ عائد على النوع الذي وقعت عليه ما.

وقد بينت آية ما يقال عند ركوب الفلك، وهو: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها، إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [هود: ٤١] وإنما هذه خاصة فيما يركب من الحيوان، ويقال (-) عند النزول منها: اللهم أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين. والسنة للراكب إذا ركب أن يقول: الحمد لله على نعمة الإسلام، أو على النعمة بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو على النعمة في كل حال، وقد روي هذا اللفظ عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سُبْحانَ الَّذِي الآية، وركب أبو مجلز لا حق بن حميد وقال: «سبحان الله» الآية، ولم يذكر نعمة، وسمعه الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال: ما هكذا أمرتم، قال أبو مجلز، فقلت له: كيف أقول؟ قال: قل الحمد لله الذي هدانا للإسلام، أو نحو هذا، ثم تقول بعد ذلك: سُبْحانَ الَّذِي الآية، وكان طاوس إذا ركب قال: اللهم هذا من منك وفضلك، ثم يقول: سُبْحانَ الَّذِي الآية، وإن قدرنا أن ذكر النعمة هو بالقلب والتذكير بدأ الراكب: ب سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ، وهو يرى نعمة الله في ذلك وفي سواه. والمقرن: الغالب الضابط المستولي على الأمر المطيق له. وروي أن بعض الأعراب ركب جملا فقيل له قل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ فقال: أما والله إني لمقرن تياه، فضرب به الجمل فوقصه فقتله.

وقوله: وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ أمر بالإقرار بالبعث وترداد القول به، وذلك داعية إلى استشعار النظر فيه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا ركب ولم يقل هذه الآية جاءه الشيطان فقال: «تغنه، فإن كان يحسن غنى، وإلا قال له تمنه، فيتمنى الأباطيل ويقطع زمنه بذلك» .

قوله عز وجل:

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١٥ الى ١٩]

وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩)

الضمير في: جَعَلُوا لكفار قريش والعرب، والضمير في: لَهُ لله تعالى. والجزء: القطع من الشيء، وهو بعض الكل، فكأنهم جعلوا جزءا من عباده نصيبا له وحظا، وذلك في قول كثير من المتأولين قول العرب: الملائكة بنات الله، وقال بعض أهل اللغة الجزء: الإناث، يقال أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى، ومنه قول الشاعر: [البسيط]

إن أجزأت حرة يوما فلا عجب ... قد تجزئ المرأة المذكار أحيانا

وقد قيل في هذا البيت إنه بيت موضوع. وقال قتادة: المراد بالجزء: الأصنام وفرعون وغيره ممن عبد

<<  <  ج: ص:  >  >>