الياء فسكنت، والتنوين ساكن فحذفت الياء والكسرة تدل عليها. ورفع الله تعالى الإثم لمّا أحل الميتة للمضطر لأن التحريم في الحقيقة متعلقه التصرف بالأكل لا عين المحرم، ويطلق التحريم على العين تجوزا، ومنع قوم التزود من الميتة وقالوا لما استقلت قوة الآكل صار كمن لم تصبه ضرورة قبل.
ومن العلماء من يرى أن الميتة من ابن آدم والخنزير لا تكون فيها رخصة اضطرار، لأنهما لا تصح فيهما ذكاة بوجه، وإنما الرخصة فيما تصح الذكاة في نوعه.
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ الآية، قال ابن عباس وقتادة والربيع والسدي: المراد أحبار اليهود الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، والْكِتابِ: التوراة والإنجيل، والضمير في بِهِ عائد على الْكِتابِ، ويحتمل أن يعود على ما وهو جزء من الكتاب، فيه أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه وقع الكتم لا في جميع الكتاب، ويحتمل أن يعود على الكتمان، والثمن القليل: الدنيا والمكاسب، ووصف بالقلة لانقضائه ونفاده، وهذه الآية وإن كانت نزلت في الأحبار فإنها تتناول من علماء المسلمين من كتم الحق مختارا لذلك لسبب دنيا يصيبها.
وذكرت البطون في أكلهم المؤدي إلى النار دلالة على حقيقة الأكل، إذ قد يستعمل مجازا في مثل أكل فلان أرضي ونحوه، وفي ذكر البطن أيضا تنبيه على مذمتهم بأنهم باعوا آخرتهم بحظهم من المطعم الذي لا خطر له، وعلى هجنتهم بطاعة بطونهم، وقال الربيع وغيره: سمي مأكولهم نارا لأنه يؤول بهم إلى النار، وقيل: معنى الآية: أن الله تعالى يعاقبهم على كتمانهم بأكل النار في جهنم حقيقة، وقوله تعالى:
وَلا يُكَلِّمُهُمُ قيل: هي عبارة عن الغضب عليهم وإزالة الرضى عنهم، إذ في غير موضع من القرآن ما ظاهره أن الله تعالى يكلم الكافرين، كقوله اخْسَؤُا فِيها [المؤمنون: ١٠٨] ، ونحوه، فتكون هذه الآية بمنزلة قولك:«فلان لا يكلمه السلطان ولا يلتفت إليه» وأنت إنما تعبر عن انحطاط منزلته لديه، وقال الطبري وغيره: المعنى ولا يكلمهم بما يحبون، وقيل: المعنى لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية، وَلا يُزَكِّيهِمْ معناه: لا يطهرهم من موجبات العذاب، وقيل: المعنى لا يسميهم أزكياء، وأَلِيمٌ اسم فاعل بمعنى مؤلم.