لأن النفقة بإزاء الاستمتاع، وهو قول الأوزاعي والشافعي وابن أبي ليلى وابن عبيد وابن المسيب والحسن وعطاء والشعبي وسليمان بن يسار، وقال أصحاب الرأي والثوري: لها السكنى والنفقة، وقال جماعة من العلماء: ليس لها السكنى ولا نفقة. والوجد: السعة في المال، وضم الواو وفتحها وكسرها، هي كلها بمعنى واحد، وقرأ الجمهور:«وجدكم» بضم الواو بمعنى سعة الحال، وقرأ الأعرج فيما ذكر عصمة «وجدكم» بفتح الواو، وذكرها أبو عمرو عن الحسن وأبي حيوة، وقرأ الفياض بن غزوان ويعقوب: بكسر الواو وذكرها المهدوي عن الأعرج وعمرو بن ميمون، وأما الحامل فلا خلاف في وجوب سكناها ونفقتها بتت أو لم تبت لأنها مبينة في الآية، واختلفوا في نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها على قولين لعلماء الأمة، فمنعها قوم وأوجبها في التركة قوم، وكذلك النفقة على المرضع واجبة وهي الأجر مع الكسوة وسائر المؤن التي بسطها في كتب الفقه، وقوله تعالى: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ أي ليأمر كل واحد صاحبه بخير، ولا شك أن من أمر بخير فهو أسرع إلى فعل ذلك الخير وليقبل كل واحد ما أمر به من المعروف، والقبول والامتثال هو الائتمار، وقال الكسائي: أْتَمِرُوا معناه: تشاوروا، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ [القصص: ٢٠] ، ومنه قول امرئ القيس:
ويعدو على المرء ما يأتمر وقوله تعالى: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ أي تشططت المرأة في الحد الذي يكون أجرة على الرضاع، فللزوج أن يسترضع أخرى بما فيه رفقه إلا أن لا يقبل المولود غير أمه فتجبر حينئذ على رضاعه بأجرة مثلها ومثل الزوج في حالهما وغناهما، ثم حض تعالى أهل الجدة على الإنفاق وأهل الإقتار على التوسط بقدر حاله.
وهذا هو العدل بينهم لئلا تضيع هي ولا يكلف هو ما لا يطيق. واختلف العلماء في الذي يعجز عن نفقة امرأته، فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو هريرة وابن المسيب والحسن: يفرق بينهما، وقال أصحاب الرأي وعمر بن عبد العزيز وجماعة: لا يفرق بينهما، ثم رجى تعالى باليسر تسهيلا على النفوس وتطييبا لها، وقرأ الجمهور:«يعظم» بالياء، وقرأ الأعمش:«نعظم» بالنون واختلف عنه.