هؤلاء المقصودين بالرد، ثم توعدهم بقوله سَأُرِيكُمْ آياتِي أي سآتي ما يسوءكم إذا دمتم على كفركم، يريد يوم بدر وغيره، ثم فسر استعجالهم بقولهم مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وكأن استفهامهم على جهة الهزء والتكذيب، وقوله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يريدون محمدا صلى الله عليه وسلم ومن آمن به لأن المؤمنين كانوا يتوعدونهم على لسان الشرع وموضع مَتى رفع عند البصريين وقال بعض الكوفيين موضعه نصب على الظرف والعامل فعل مقدر تقديره يكون أو يجيء والأول أصوب.
حذف جواب لَوْ إيجازا لدلالة الكلام عليه وأبهم قدر العذاب لأنه أبلغ وأهيب من النص عليه وهذا محذوف نحو قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ [الرعد: ٣١] ، ويقدر المحذوف في جواب هذه الآية لما استعجلوه ونحوه، وقوله حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ يريد يوم القيامة، وذكر «الوجوه» خاصة لشرفها من الإنسان وأنها موضع حواسه وهو أحرص على الدفاع عنه، ثم ذكر «الظهور» ليبين عموم النار لجميع أبدانهم، وقوله بَلْ تَأْتِيهِمْ استدراك مقدر قبله نفي تقديره أن الآيات لا تأتي بحسب اقتراحهم بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً، والضمير للساعة التي تصيرهم إلى العذاب ويحتمل أن يكون ل النَّارَ، وقرأت فرقة «يأتيهم» بالياء على أن الضمير للوعد «فيبهتهم» بالياء أيضا، والبغتة الفجأة من غير مقدمة، ويُنْظَرُونَ معناه يؤخرون ثم آنس تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بما جرى على سائر الأنبياء من استهزاء قومهم بهم وحلول العذاب بالمستهزئين، و «حاق» معناه نزل وحل وهي مستعملة في العذاب والمكاره، وقوله ما كانُوا فيه محذوف تقديره جزاء ما كانوا أو نحوه ومع هذا التأنيس الذي لمحمد صلى الله عليه وسلم وعيد للكفرة وضرب مثل لهم بمن سلف من الأمم.