وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل
الحكاية، وقال ابن زيد: خضوع القول ما يدخل في القلوب الغزل، وقرأ الجمهور «فيطمع» بالنصب على أنه نصب بالفاء في جواب النهي، وقرأ الأعرج وأبان بن عثمان «فيطمع» بالجزم وكسر للالتقاء وهذه فاء عطف محضة وكأن النهي دون جواب ظاهر، وقراءة الجمهور أبلغ في النهي لأنها تعطي أن الخضوع سبب الطمع، قال أبو عمرو الداني قرأ الأعرج وعيسى بن عمر «فيطمع» بفتح الياء وكسر الميم، و «المرض» في هذه الآية قال قتادة هو النفاق، وقال عكرمة الفسق والغزل وهذا أصوب، وليس للنفاق مدخل في هذه الآية، والقول المعروف هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس.
قرأ الجمهور «وقرن» بكسر القاف، وقرأ عاصم ونافع «وقرن» بالفتح، فأما الأولى فيصح أن تكون من الوقار تقول وقر يقر فقرن مثل عدن أصله أو قرن، ويصح أن تكون من القرار وهو قول المبرد تقول قررت بالمكان بفتح القاف والراء أقر فأصله أقررن حذفت الراء الواحدة تخفيفا، كما قالوا في ظللت ظلت ونقلوا حركتها إلى القاف واستغني عن الألف، وقال أبو علي: بل أعل بأن أبدلت الراء ياء ونقلت حركتها إلى القاف ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الراء بعدها، وأما من فتح القاف فعلى لغة العرب قررت بكسر الراء أقر بفتح القاف في المكان وهي لغة ذكرها أبو عبيد في الغريب المصنف، وذكرها الزجاج وغيره، وأنكرها قوم، منهم المازني وغيره، قالوا وإنما يقال قررت بكسر الراء من قرت العين، وأما من القرار فإنما هو من قررت بفتح الراء، وقرأ عاصم «في بيوتكن» بكسر الباء، وقرأ ابن أبي عبلة «واقررن» بألف وصل وراءين الأولى مكسورة، فأمر الله تعالى في هذه الآية نساء النبي بملازمة بيوتهن ونهاهن عن التبرج وأعلمهن أنه فعل الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى، وذكر الثعلبي وغيره أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها، وذكر أن سودة قيل لها لم لا تحجين ولا تعمرين كما يفعل أخواتك، فقالت قد حججت واعتمرت وأمرني الله تعالى أن أقر في بيتي قال الراوي: فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى خرجت جنازتها.
قال القاضي أبو محمد: وبكاء عائشة رضي الله عنها إنما كان بسبب سفرها أيام الجمل وحينئذ قال لها عمار: إن الله أمرك أن تقري في بيتك، و «التبرج» ، إظهار الزينة والتصنع بها ومنه البروج لظهورها وانكشافها للعيون، واختلف الناس في الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى فقال الحكم بن عيينة ما بين آدم ونوح وهي ثمانمائة سنة، وحكيت لهم سير ذميمة، وقال الكلبي وغيره ما بين نوح وإبراهيم، وقال ابن عباس ما بين نوح وإدريس وذكر قصصا، وقالت فرقة ما بين موسى وعيسى، وقال عامر الشعبي ما بين عيسى ومحمد، وقال أبو العالية هو زمان سليمان وداود كان فيه للمرأة قميص من الدر غير مخيط الجانبين.