بذلك عمر بن الخطاب، وقال طاوس والزهري وعطاء وعمر بن شعيب والحسن والشعبي والحكم وحماد وأحمد وإسحاق: لا يجوز له أن يزيد على المهر الذي أعطاها. وبه قال الربيع، وكان يقرأ هو والحسن بن أبي الحسن «فيما افتدت به منه» بزيادة «منه» ، يعني مما آتيتموهن وهو المهر. وحكى مكي هذا القول عن أبي حنيفة، وابن المنذر أثبت. وقال ابن المسيب:«لا أرى أن يأخذ منها كل مالها ولكن ليدع لها شيئا» . وقال بكر بن عبد الله المزني:«لا يجوز للرجل أن يأخذ من زوجه شيئا خلعا قليلا ولا كثيرا» قال: «وهذه الآية منسوخة بقوله عز وجل: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً [النساء: ٢٠] .
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، لأن الأمة مجمعة على إجازة الفدية، ولأن المعنى المقترن بآية الفدية غير المعنى الذي في آية إرادة الاستبدال.
وقوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ الآية، أي هذه الأوامر والنواهي هي المعالم بين الحق والباطل والطاعة والمعصية فلا تتجاوزوها، ثم توعد- تعالى- على تجاوز الحد ووصف المتعدي بالظلم وهو وضع الشيء في غير موضعه، والظلم معاقب صاحبه، وهو كما قال صلى الله عليه وسلم: «الظلم ظلمات يوم القيامة» .
قال ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي: هذا ابتداء الطلقة الثالثة.
قال القاضي أبو محمد: فيجيء التسريح المتقدم ترك المرأة تتم عدتها من الثانية، ومن قول ابن عباس رضي الله عنه:«إن الخلع فسخ عصمة وليس بطلاق» ، واحتج من هذه الآية بذكر الله- تعالى- الطلاقين ثم ذكره الخلع ثم ذكره الثالثة بعد الطلاقين ولم يك للخلع حكم يعتد به، ذكر هذا ابن المنذر في «الإشراف» عنه وعن عكرمة وطاوس وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وذكر عن الجمهور خلاف قولهم، وقال مجاهد:«هذه الآية بيان ما يلزم المسرح، والتسريح هو الطلقة الثالثة» .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وقوله تعالى: أَوْ تَسْرِيحٌ يحتمل الوجهين: إما تركها تتم العدة، وإما إرداف الثالثة. ثم بين في هذه الآية حكم الاحتمال الواحد، إذ الاحتمال الثاني قد علم منه أنه لا حكم له عليها بعد انقضاء العدة. وتَنْكِحَ في اللغة جار على حقيقته في الوطء ومجاز في العقد، وأجمعت الأمة في هذه النازلة على اتباع الحديث الصحيح في بنت سموأل امرأة رفاعة حين تزوجها