للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسب رأيكم لو شاهدتم ذلك، والمعنى لعلهم يرجعون إلى الطاعة ويتوبون من المعصية.

قوله عز وجل:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٩ الى ١٧٠]

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)

خَلْفٌ معناه حدث خلفهم وبَعْدِهِمْ خَلْفٌ بإسكان اللام يستعمل في الأشهر في الذم ومنه قول لبيد: [الكامل]

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

وقد يستعمل في المدح ومنه قول حسان: [الطويل]

لنا القدم الأولى إليك وخلفنا ... لأولنا في طاعة الله تابع

والخلف بفتح اللام يستعمل في الأشهر في المدح، قال أبو عبيدة والزجاج: وقد يستعمل في الذم أيضا ومنه قول الشاعر:

الا ذلك الخلف الأعور وقال مجاهد: المراد ب «الخلف» هاهنا النصارى وضعفه الطبري وقرأ جمهور الناس وَرِثُوا الْكِتابَ وقرأ الحسن بن أبي الحسن البصري «ورّثوا الكتاب» بضم الواو وشد الراء، وقوله: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى إشارة إلى الرشا والمكاسب الخبيثة و «العرض» ما يعرض ويعن ولا يثبت، و «الأدنى» إشارة إلى عيش الدنيا، وقوله: وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا ذم لهم باغترارهم وقولهم: سَيُغْفَرُ مع علمهم بما في كتاب الله من الوعيد على المعاصي وإصرارهم عليهم وأنهم إذا أمكنتهم ثانية ارتكبوها فهؤلاء عجزة كما قال صلى الله عليه وسلم: والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله، فهؤلاء قطعوا بالمغفرة وهم مصرون وإنما يقول سيغفر لنا من أقلع وندم.

وقوله تعالى: أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ الآية، تشديد في لزوم قول الحق على الله في الشرع والأحكام بين الناس وأن لا تميل الرشا بالحكام إلى الباطل، والْكِتابَ يريد به التوراة وميثاقها الشدائد التي فيها في هذا المعنى، وقوله: أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ يمكن أن يريد بذلك قولهم الباطل في حكومة مما يقع بين أيديهم، ويمكن أن يريد قولهم سيغفر لنا وهم قد علموا الحق في نهي الله عن ذلك، وقرأ جمهور الناس: «يقولوا» بياء من تحت وقرأ الجحدري: «تقولوا» بتاء من فوق وقوله: وَدَرَسُوا معطوف على قوله: أَلَمْ يُؤْخَذْ الآية بمعنى المضي، يقدر: أليس قد أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>