للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتثبت كأن الله يبسط، وقال أبو حاتم وجماعة من النحويين «ويك» هي ويلك حذفت اللام منها لكثرة الاستعمال وجرت في الكلام كذلك ومنه قول عنترة: [الكامل]

ولقد شفى نفسي وأذهب سقمها ... قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

فكأن المعنى ويلك اعلم أن الله ونحو هذا من الإضمار، وقالت فرقة من النحويين وَيْكَأَنَّ بجملتها دون تقدير انفصال كلمة بمنزلة قولك ألم تر أن.

قال الفقيه الإمام القاضي: ويقوى الانفصال فيها على ما قاله سيبويه لأنها تجيء مع «أنّ» ، ومع «أن» وأنشد سيبويه

ويكأن من يكن له نشب يحبب ... ومن يفتقر يعش عيش ضر

وهذا البيت لزيد بن عمرو بن نفيل، وقرأ الأعمش «لولا من الله» بحذف «أن» وروي عنه «لولا منّ» برفع النون وبالإضافة إلى الله تعالى، وقرأ الجمهور «لخسف» بضم الخاء وكسر السين، وقرأ عاصم بفتح الخاء والسين، وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف «لا نخسف» كأنه فعل مضارع أريد به أن الأرض كانت تبتلعه، وروي عن الكسائي أنه كان يقف على «وي» ، ويبتدىء «كأن» ، وروي عنه الوصل كالجماعة، وروي عن أبي عمرو أنه كان يقف «ويك» ويبتدىء «أن الله» وعلى هذا المعنى قال الحسن إن شئت «ويكأن» أو «يكإن» بفتح الهمزة وبكسرها، وكذلك في وَيْكَأَنَّهُ.

قوله عز وجل:

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨٣ الى ٨٥]

تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥)

هذا إخبار مستأنف من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم يراد به إخبار جميع العالم وحضهم على السعي بحسب ما تضمنته الآية، وهذا الحض يتصمن الإنحاء على حال قارون ونظرائه، والمعنى أن الآخرة ليست في شيء من أمر قارون إنما هي لمن صفته كذا وكذا، و «العلو» المذموم هو بالظلم ولا الانتحاء والتجبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن تريد أن يكون شراك نعلك أفضل من شراك نعل أخيك، و «الفساد» يعم وجوه الشر، ومما قال العلماء هو أخذ المال بغير حق وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، خبر منفصل جزم معناه إما في الدنيا وإلا ففي الآخرة ولا بد، ثم وصف تعالى أمر جزاء الآخرة أنه مَنْ جاءَ بعمل صالح فَلَهُ خَيْرٌ من القدر الذي يقتضي النظر أنه مواز لذلك العمل هذا على أن نجعل «الحسنة» للتفضيل، وفي القول حذف مضاف أي من ثوابها الموازي لها ويحتمل أن تكون مَنْ لابتداء الغاية أي له خير بسبب حسنته ومن أجلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>