للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولون في كتبهم، يعني الشرائع، وظاهر ألفاظ هذه الآية أنها نزلت في مشار إليه قال وقيل له، فنعى الله أقواله تحذيرا من الوقوع في مثلها.

وقوله: أُولئِكَ ظاهره أنها إشارة إلى جنس يتضمنه قوله: وَالَّذِي قالَ، ويحتمل إن كانت الآية في مشار إليه أن يكون قوله: أُولئِكَ بمعنى صنف هذا المذكور وجنسهم الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ، أي قول الله إنه يعذبهم.

وقوله: قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يقتضي أن الْجِنِّ يموتون كما يموت البشر قرنا بعد قرن، وقد جاء حديث يقتضي ذلك. وقال الحسن بن أبي الحسن في بعض مجالسه: إن الجن لا يموتون، فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت.

وقوله تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ يعني المحسنين والمسيئين. قال ابن زيد: ودرجات المحسنين تذهب علوا، ودرجات المسيئين تذهب سفلا.

وقرأ أبو عبد الرحمن: «ولتوفيهم» بالتاء من فوق، أي الدرجات. وقرأ جمهور الناس: «وليوفيهم» بالياء. وقرأ نافع بخلاف عنه، وأبو جعفر وشيبة والأعرج وطلحة والأعمش: «ولنوفيهم» بالنون: قال اللؤلؤي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود: «ولنوفيّنهم» بنون أولى ونون ثانية مشددة، وكل امرئ يجني ثمرة عمله من خير أو شر ولا يظلم في مجازاته، بل يوضع كل أمر موضعه من ثواب أو عقاب.

قوله عز وجل:

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٠ الى ٢٢]

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠) وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢)

المعنى: واذكر يوم يعرض، وهذا العرض هو بالمباشرة، كما تقول عرضت العود على النار والجاني على السوط، والمعنى: يقال لهم أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ.

وقرأ جمهور القراء: «أذهبتم» على الخبر، حسنت الفاء بعد ذلك. وقرأ ابن كثير والحسن والأعرج وأبو جعفر ومجاهد وابن وثاب. «آذهبتم» بهمزة مطولة على التوبيخ والتقرير الذي هو في لفظ الاستفهام.

وقرأ ابن عامر «أأذهبتم» بهمزتين تقريرا.

والتقرير والتوبيخ إخبار بالمعنى، ولذلك حسنت الفاء وإلا فهي لا تحسن في جواب على حد هذه مع الاستفهام المحض.

والطيبات: الملاذ، وهذه الآية وإن كانت في الكفار فهي رادعة لأولي النهى من المؤمنين عن

<<  <  ج: ص:  >  >>