هذه السورة مكية بإجماع من أكثر المفسرين، وقال قتادة: فيها مدني: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ [الشورى: ٢٣] إلى: الصُّدُورِ [الشورى: ٢٤] وقوله: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ [الشورى: ٣٩] إلى قوله: مِنْ سَبِيلٍ [الشورى: ٤١] . وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي: إن حم عسق هذه الحروف بأعيانها نزلت في كل كتب الله تعالى المنزلة على كل نبي أنزل عليه الكتاب، ولذلك قال تعالى:
فصلت: حم من: عسق، ولم يفعل ذلك ب كهيعص [مريم: ١] لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها.
وقرأ الجمهور:«حم عسق» . وقرأ ابن مسعود وابن عباس:«حم سق» بسقوط عين، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور. وروى حذيفة في هذا حديثا مضمنه: أنه سيكون في هذه الأمة مدينتان يشقهما نهر بالمشرق، تهلك إحداهما ليلا ثم تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة المدينتين متعجبين من سلامتها، فتهلك من الليلة القابلة، وأن حم معناه: حم هذه الأمر. وعين: معناه عدلا من الله. وسين:
سيكون ذلك. وقاف: معناه يقع ذلك بهم. وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الأحرف التي في أوائل السور. والكاف في قوله: كَذلِكَ نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك تختلف بحسب الأقوال في الحروف.
وقرأ جمهور القراء:«يوحي» بالياء على إسناد الفعل إلى الله تعالى، وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي جعفر والجحدري وعيسى وطلحة والأعمش. وقرأ أبو حيوة والأعشى عن أبي بكر عن عاصم:
«نوحي» : بنون العظمة، ويكون قوله: اللَّهُ ابتداء وخبره: الْعَزِيزُ ويحتمل أن يكون خبره: لَهُ ما فِي