مَظْلُوماً نصب على الحال، ومعناه بغير هذه الوجوه المذكورة، و «الولي» القائم بالدم وهو من ولد الميت أو ولده الميت أو جمعه وأباه أب، ولا مدخل للنساء في ولاية الدم عند جماعة من العلماء، ولهن ذلك عند أخرى، و «السلطان» الحجة والملك الذي جعل إليه من التخير في قبول الدية أو العفو، قاله ابن عباس والضحاك. وقال قتادة:«السلطان» القود، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم «فلا يسرف» بالياء، وهي قراءة الجمهور، أي الولي لا يتعدى أمر الله، والتعدي هو أن يقتل غير قاتل وليه من سائر القبيل، أو يقتل اثنين بواحد، وغير وذلك من وجوه التعدي، وهذا كله كانت العرب تفعله، فلذلك وقع التحذير منه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن من أعتى الناس على الله ثلاثة، رجل قتل غير قاتل وليه، أو قتل بذحل الجاهلية، أو قتل في حرم الله» ، وقالت فرقة: المراد بقوله فَلا يُسْرِفْ القاتل الذي يتضمنه الكلام، والمعنى فلا يكن أحد من المسرفين بأن يقتل نفسا فإنه يحصل في ثقاف هذا الحكم، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «فلا تسرف في القتل» بالتاء من فوق، وهو قراءة حذيفة ويحيى بن وثاب ومجاهد بخلاف والأعمش وجماعة، قال الطبري: على معنى الخطاب للنبي عليه السلام والأئمة بعده، أي فلا تقتلوا غير القاتل.
قال القاضي أبو محمد: ويصح أن يراد به الولي أي فلا تسرف أيها الولي في قتل أحد يتحصل في هذا الحكم، وقرأ أبو مسلم السراج صاحب الدعوة العباسية، «فلا يسرف» بالياء بضم الفاء على معنى الخبر لا على معنى النهي، والمراد هذا التأويل فقط.
قال القاضي أبو محمد: وفي الاحتجاج بأبي مسلم في القراءة نظر، وفي قراءة أبي بن كعب:«فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا» ، والضمير في قوله إِنَّهُ عائد على الولي، وقيل على المقتول، وهو عندي أرجح الأقوال، لأنه المظلوم، ولفظة النصر تقارن أبدا الظلم كقوله عليه السلام:
«ونصر المظلوم وإبرار القسم» ، وكقوله «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» ، إلى كثير من الأمثلة: وقيل على القتل، وقال أبو عبيد على القاتل لأنه إذا قتل في الدنيا وخلص بذلك من عذاب الآخرة فقد نصر، وهذا ضعيف بعيد المقصد، وقال الضحاك هذه أول ما نزل من القرآن في شأن القتل وهي مكية.
الخطاب في هذه الآية للأوصياء الذين هم معدون لقرب مال اليتامى، ثم لمن تلبس بشيء من أمر يتيم من غير وصي، والْيَتِيمِ الفرد من الأبناء، واليتم الانفراد، يقال يتم الصبي يتيم إذا فقد أباه، قال ابن السكيت: اليتم في البشر من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأم، وفي كتاب الماوردي، أن اليتم في