إليك» فقال جمهور المتأولين في معنى هذه الآية أنه: واتخذتم الله ظهريا أي غير مراعى وراء الظهر على معنى الاطراح- ورجحه الطبري.
قال القاضي أبو محمد: وهو عندي على حذف مضاف ولا بد، وقال بعضهم: الضمير في قوله:
وَاتَّخَذْتُمُوهُ عائد على أمر الله وشرعه، إذ يتضمنه الكلام.
وقالت فرقة: المعنى: أترون رهطي أعز عليكم من الله وأنتم تتخذون الله سند ظهوركم وعماد آمالكم.
قال القاضي أبو محمد: فقول الجمهور- على أن كان كفر قوم شعيب جحدا بالله تعالى وجهلا به.
وهذا القول الثاني- على أنهم كانوا يقرون بالخالق الرازق ويعتقدون الأصنام وسائط ووسائل ونحو هذا وهاتان الفرقتان موجودتان في الكفرة.
ومن اللفظة الاستظهار بالبيّنة، وقد قال ابن زيد: «الظهري» : الفضل، مثل الجمال يخرج معه بإبل ظهارية يعدها إن احتاج إليها وإلا فهي فضلة.
قال القاضي أبو محمد: هذا كله مما يستند إليه.
وقوله إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ خبر في ضمنه توعد. ومعناه محيط علمه وقدرته.
قوله عز وجل:
[سورة هود (١١) : الآيات ٩٣ الى ٩٥]
وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)
عَلى مَكانَتِكُمْ معناه: على حالاتكم، وهذا كما تقول: مكانة فلان في العلم فوق مكانة فلان، يستعار من البقاع إلى المعاني.
وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن وعاصم: «مكانتكم» بالجمع، والجمهور على الإفراد.
وقوله: اعْمَلُوا تهديد ووعيد، وهو نحو قوله: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت: ٤٠] وقوله: مَنْ يَأْتِيهِ يجوز أن تكون مَنْ مفعولة ب تَعْلَمُونَ والثانية عطف عليها، قال الفراء: ويجوز أن تكون استفهاما في موضع رفع بالابتداء.
قال القاضي أبو محمد: الأول أحسن لأنها موصولة ولا توصل في الاستفهام، ويقضي بصلتها أن المعطوفة عليها موصولة لا محالة، والصحيح أن الوقف في قوله: إِنِّي عامِلٌ ثم ابتداء الكلام بالوعيد، ومَنْ معمولة ل تَعْلَمُونَ وهي موصولة.