الابتداء، وفيه ضمير عائد وحذفه عنده قبيح لا يجري إلا في شعر ونحوه، ومنه قول الشاعر [جرير بن عطية] : [الرجز]
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... عليّ ذنبا كله لم أصنع
قال: ولكن حملوا الخبر على الصفات كقول جرير: [الوافر] وما شيء حميت بمستباح وعلى الصلات كقوله تعالى: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا [الفرقان: ٤١] وذهب غير سيبويه إلى أن وَعَدَ في موضع الصفة، كأنه قال:«أولئك كل وعد الله الحسنى» ، وصاحب هذا المذهب حصل في هذا التعسف في المعنى فرارا من حذف الضمير في خبر المبتدأ. و: الْحُسْنى الجنة، قاله مجاهد وقتادة، والوعد يتضمن ما قبل الجنة من نصر وغنيمة.
وقوله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ قول فيه وعد ووعيد.
وقوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً الآية، قال بعض النحويين: مَنْ ابتداء و: ذَا خبر، والَّذِي صفة، وقال آخرون منهم: مَنْ ابتداء و: ذَا زائد مع الذي، والَّذِي خبر الابتداء، وقال الحسن: نزلت هذه الآية في التطوع في جميع أمر الذين. والقرض: السلف ونحوه أن يعطي الإنسان شيئا وينتظر جزاءه، والتضعيف من الله هو في الحسنات، يضاعف الله لمن يشاء من عشرة إلى سبعمائة، وقد ورد أن التضعيف يربى على سبعمائة، وقد مر ذكر ذلك في سورة البقرة بوجوهه من التأويل.
وقرأ أبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي:«فيضاعفه» بالرفع على العطف أو على القطع والاستئناف.
وقرأ عاصم:«فيضاعفه» بالنصب في الفاء في جواب الاستفهام، وفي ذلك قلق. قال أبو علي: لأن السؤال لم يقع عن القرض، وإنما يقع السؤال عن فاعل القرض، وإنما تنصب الفاء فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه، لكن هذه الفرقة حملت ذلك على المعنى، كأن قوله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ بمنزلة أن لو قال:
أيقرض الله أحدا فيضاعفه؟ وقرأ ابن كثير «فيضعّفه» مشددة العين مضمومة الفاء. وقرأ ذلك ابن عامر، إلا أنه فتح الفاء.
والأجر الكريم الذي يقرض به رضى وإقبال، وهذا معنى الدعاء: يا كريم العفو، أي أن مع عفوه رضى وتنعيما وعفو البشر ليس كذلك.