يقال لها الجن. وقوله تعالى: فَلا يُخْرِجَنَّكُما أي لا يقع منكما طاعة له في إغوائه فيكون ذلك سبب خروجكما مِنَ الْجَنَّةِ ثم خصص بقوله فَتَشْقى من حيث كان المخاطب أولا والمقصود في الكلام، وقيل بل ذلك لأن الله تعالى جعل الشقاء في معيشة الدنيا في حيز الرجال وروي أن آدم لما أهبط هبط معه ثور أحمر فكأن يحرث ويمسح العرق فهذا هو الشقاء الذي خوف منه.
المعنى إِنَّ لَكَ يا آدم نعمة تامة وعطية مستمرة أن لا يصيبك جوع ولا عري ولا ظمأ ولا بروز للشمس يؤذيك وهو الضحاء، وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر «وإنك لا تظمأ» بكسر الألف، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم «وأنك» بفتح الألف، وجعل الله تعالى الجوع في هذه الآية مع العري والظمأ مع الضحاء وكأن عرف الكلام أن يكون الجوع مع الظمأ المتناسب والعري مع الضحاء لأنها تتضاد إذ العري يمس بسببه البرد والحر يفعل ذلك بالضاحي، وهذه الطريقة مهيع في كلام العرب أن تفرق النسب ومنه قول امرئ القيس:[الطويل]
كأني لم أركب جوادا للذة ... ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال
ولم أسبأ الزقّ الروي ولم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إقفال
وقد ذهب بعض الأدباء إلى أن بيتي امرئ القيس حافظة لنسب وأن ركوب الخيل للصيد وغيره من الملاذ يناسب تبطن الكاعب، ومن الضحاء قول الشاعر:[الطويل]
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت ... فيضحي وأما بالعشيّ فيخصر
و «وسوسة الشيطان» قيل كانت دون مشافهة، إلقاء في النفس، وقيل بل كان بالمشافهة والمخاطبة وهو ظاهر القصة من غير ما موضع وكان دخوله إلى الجنة فيما روي في فم الحية، وكان آدم عليه السلام قد قال الله تعالى له لا تأكل من هذه الشجرة وعين له شجرة قد تقدم الخلاف في جنسها فلما وصفها له إبليس بأنها شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى أي من أكلها كان ملكا مخلدا عمد آدم إلى غير تلك التي نهي عنها من جنسها فأكلها بتأويل أن النهي كان في تلك المعينة، وقيل بل تأول أن النهي إنما كان على الندب لا على التحريم البت، وسارعت إلى ذلك حواء وكانت معه في النهي فلما رآها آدم قد أكلت أكل فطارت عنهما ثيابتها وظهر تبري الأشياء منهما وبدت سوءاتهما، وَطَفِقا معناه وجعلا يفعلان ذلك دائما، ويَخْصِفانِ معناه يلفقان ويضمان شيئا إلى شيء فكانا يستتران بالورق وروي أنه كان ورق التين، ثم