للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول عنترة: [الكامل] وشكا إلي بعبرة وتحمحم وقد فسر هذا المعنى بقوله لو كان يدري ما المحاورة البيت، ومنه قول الناس: داري تنظر إلى دار فلان، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم، لا تتراءى نارهما، وهذا كثير جدا وقرأ الجمهور «ينقض» أي يسقط، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه «أن ينقض» بضم الميم وتخفيف الضاد وهي قراءة أبي، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعكرمة «أن يناقص» ، بالصاد غير منقوطة بمعنى ينشق طولا، يقال انقاص الجدار وطي البير، وانقاصت السن، إذا انشقت طولا، وقيل إذا تصدعت كيف كان، ومنه قول أبي ذؤيب: [الطويل]

فراق كقيص السن فالصبر انه ... لكل أناس عبرة وحبور

ويروى عثرة وجبور بالثاء والجيم، وقرأ ابن مسعود والأعمش «يريد لينقض» واختلف المفسرون في قوله فَأَقامَهُ فقالت فرقة هدمه وقعد يبنيه، ووقع هذا في مصحف ابن مسعود، ويؤيد هذا التأويل قول، لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً لأنه فعل يستحق أجرا، وقال سعيد بن جبير مسحه بيده وأقامه فقام.

قال القاضي أبو محمد: وروي في هذا حديث وهو الأشبه بأفعال الأنبياء عليهم السلام فقال موسى للخضر: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً أي طعاما تأكله، وقرأ الجمهور «لتخذت» وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «لتخذت» وهي قراءة ابن مسعود والحسن وقتادة وأدغم بعض القراء الذال في التاء، ولم يدغمها بعضهم، ومن قولهم تخذ قول الشاعر [المزق] : [الطويل]

وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها ... نسيقا كأفحوص القطاة المطرق

وفي حرف أبي بن كعب: «لو شئت لأوتيت عليه أجرا» ، ثم قال الخضر لموسى بحسب شرطهما هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ واشترط الخضر، وأعطاه موسى أن لا يقع سؤال عن شيء، والسؤال أقل وجوه الاعتراضات، فالإنكار والتخطئة أعظم منه، وقوله لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً وإن لم يكن سؤالا ففي ضمنه الإنكار لفعله، والقول بتصويب أخذ الأجر، وفي ذلك تخطئة ترك الأجر، والبين الصلاح، الذي يكون بين المصطحبين ونحوهما، وذلك مستعار فيه من الظرفية، ويستعمل استعمال الأسماء، وأما فصله، وتكريره بَيْنِي وَبَيْنِكَ وعدوله عن بيننا، فلمعنى التأكيد، والسين في قوله سَأُنَبِّئُكَ مفرقة بين المحاورتين والصحبتين، ومؤذنة بأن الأولى قد انقطعت، ثم أخبره في مجلسه ذلك وفي مقامه بِتَأْوِيلِ تلك القصص والتأويل هنا المآل.

قوله عز وجل:

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٧٩]]

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩)

قرأ الجمهور «لمساكين» بتخفيف السين، جمع مسكين، واختلف في صفتهم، فقالت فرقة كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>