الطلاق على الجملة مكروه، لأنه تبديد شمل في الإسلام، وروى أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات» . وروى أنس أنه عليه السلام قال:«ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق» . واختلف في ندائه النبي. ثم قوله تعالى بعد ذلك: طَلَّقْتُمُ، فقال بعض النحويين حكاه الزهراوي، في ذلك خروج من مخاطبة أفراد إلى مخاطبة جماعة، وهذا موجود، وقال آخرون منهم في نداء النبي صلى الله عليه وسلم: أريدت أمته معه، فلذلك قال: إِذا طَلَّقْتُمُ، وقال آخرون منهم إن المعنى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قل لهم إِذا طَلَّقْتُمُ، وقال آخرون إنه من حيث يقول الرجل العظيم فعلنا وصنعنا خوطب النبي صلى الله عليه وسلم ب طَلَّقْتُمُ إظهارا لتعظيمه، وهذا على نحو قوله تعالى في عبد الله بن أبي: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ [المنافقون: ٧] إذا كان قوله مما يقوله جماعة، فكذلك النبي في هذه ما يخاطب به فهو خطاب الجماعة.
قال القاضي أبو محمد: والذي يظهر لي في هذا أنهما خطابان مفترقان، خوطب النبي على معنى تنبيهه لسماع القول وتلقي الأمر ثم قيل له: إِذا طَلَّقْتُمُ، أي أنت وأمتك، فقوله: إِذا طَلَّقْتُمُ، ابتداء كلام لو ابتدأ السورة به، وطلاق النساء: حل عصمتهن وصورة ذلك وتنويعه مما لا يختص بالتفسير، وقوله