ضعف، وإنما الضمير في قوله: وَضَلَّ عَنْهُمْ فلا احتمال لعودته إلا على الكفار. و: آذَنَّاكَ قال ابن عباس وغيره معناه: أعلمناك ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ولا من يشهد بأن لك شريكا. وَضَلَّ عَنْهُمْ أي نسوا ما كانوا يقولون في الدنيا ويدعون من الآلهة والأصنام، ويحتمل أن يريد: وَضَلَّ عَنْهُمْ الأصنام، أي تلفت لهم فلم يجدوا منها نصرا وتلاشى لهم أمرها.
وقوله: وَظَنُّوا يحتمل أن يكون متصلا بما قبله ويكون الوقف عليه، ويكون قوله: ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ استئناف نفي أن يكون لهم منجى أو موضع روغان، يقول: حاص الرجل: إذا راغ يطلب النجاة من شيء، ومنه الحديث: فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، ويكون الظن على هذا التأويل على بابه، أي ظنوا أن هذه المقالة: ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ منجاة لهم، أو أمر يموهون به، ويحتمل أن يكون الوقف في قوله: مِنْ قَبْلُ، ويكون: وَظَنُّوا متصلا بقوله: ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أي ظنوا ذلك، ويكون الظن على هذا التأويل بمعنى اليقين وبه فسر السدي، وهذه عبارة يطلقها أهل اللسان على الظن، ولست تجد ذلك إلا فيما علم علما قويا وتقرر في النفس ولم يتلبس به بعد، وإلا فمتى تلبس بالشيء وحصل تحت إدراك الحواس فلست تجدهم يوقعون عليه لفظة الظن.
وقوله تعالى: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ آيات نزلت في كفار قريش، قيل في الوليد بن المغيرة، وقيل في عتبة بن ربيعة، وجل الآية يعطي أنها نزلت في كفار وإن كان أولها يتضمن خلقا ربما شارك فيه بعض المؤمنين. و: دُعاءِ الْخَيْرِ إضافته المصدر إلى المفعول، والفاعل محذوف تقديره: من دعاء الخير هو.
وفي مصحف ابن مسعود:«من دعاء بالخير» . والْخَيْرِ في هذه الآية: المال والصحة، وبذلك تليق الآية بالكافر، وإن قدرناه خير الآخرة فهي للمؤمن، وأما اليأس والقنط على الإطلاق فمن صفة الكافر وحده.
وقوله تعالى: لَيَقُولَنَّ هذا لِي أي بعلمي وبما سعيت، ولا يرى أن النعم إنما هي بتفضل من الله تعالى: وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً قول بيّن فيه الجحد والكفر. ثم يقول هذا الكافر، ولئن كان ثم رجوع كما تقولون، لتكونن لي حال ترضيني من غنى ومال وبنين، فتوعدهم الله تعالى بأنه سيعرفهم بأعمالهم الخبيثة مع إذاقتهم العذاب عليها، فهذا عذاب وخزي. وغلظ العذاب شدته وصعوبته. وقال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: للكافر أمنيتان، أما في دنياه فهذه:
إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى. وأما في آخرته: فا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
[النبأ: ٤٠] .
قال القاضي أبو محمد: والأماني على الله تعالى وترك الجد في الطاعة مذموم لكل أحد، فقد قال عليه السلام: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله.