للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و: «المصيطر» المسلط القاهر، وبذلك فسر ابن عباس وأصله السين، ولكن كتبه بعض الناس. وقرأه بالصاد مراعاة للطاء ليتناسب النطق. وحكى أبو عبيدة: تسيطرت علي إذا اتخذتني خولا. والسلم: السبب الذي يصعد به كان ما كان من خشب أو بناء أو حبال. ومنه قول ابن مقبل: [البسيط]

لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا ... تبنى له في السماوات السلاليم

وحكى الرماني قال: لا يقال سلم لما يبنى من الأدراج، وإنما السلم المشبك، وبيت الشعر يرد عليه، والمعنى: ألهم سُلَّمٌ إلى السماء يَسْتَمِعُونَ فِيهِ أي عليه ومنه، وهذه حروف يسد بعضها مسد بعض، والمعنى: يستمعون الخبر بصحة ما يدعونه فليأتوا بالحجة المبينة في ذلك وقوله تعالى: أَمْ لَهُ الْبَناتُ الآية، معناه: أم هم أهل الفضيلة علينا فيلزم لذلك انتخاؤهم وتكبرهم، ثم قال تعالى:

أَمْ تَسْأَلُهُمْ يا محمد على الإيمان بالله وشرعه أجرة يثقلهم غرمها فهم لذلك يكرهون الدخول فيما يوجب غرامتهم ثم قال تعالى: أَمْ عِنْدَهُمُ علم الْغَيْبُ فهم يبينون ذلك للناس سننا وشرعا يكتبونه وذلك عبادة الأوثان وتسييب السوائب وغير ذلك من سيرهم. وقيل المعنى: فهم يعلمون متى يموت محمد الذي يتربصون به، و: يَكْتُبُونَ بمعنى يحكمون، وقال ابن عباس: يعني أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون به. ثم قال تعالى: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً بك وبالشرع، ثم جزم الخبر بأنهم هُمُ الْمَكِيدُونَ، أي المغلوبون، فسمى غلبتهم كَيْداً إذ كانت عقوبة الكيد. ثم قال تعالى: أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يعصمهم ويمنعهم منهم ويدفع في صدر إهلاكهم. ثم نزه تعالى نفسه عَمَّا يُشْرِكُونَ به من الأصنام والأوثان، وهذه الأشياء التي وقفهم تعالى عليها حصرت جميع المعاني التي توجب الانتخاء والتكبر والبعد من الائتمار، فوقفهم تعالى عليها أي ليست لهم ولا بقي شيء يوجب ذلك إلا أنهم قوم طاغون. وهذه صفة فيها تكسبهم وإيثارهم فيتعلق بذلك عقابهم. ثم وصفهم تعالى بأنهم على الغاية من العتو والتمسك بالأقوال الباطلة في قوله: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً الآية، وذلك أن قريشا كان في جملة ما اقترحت به أن تنزل من السماء عليها كسف وهي القطع، واحدها كسفة، وتجمع أيضا على كسف كثمرة وتمر، قال الرماني: هي التي تكون بقدر ما يكسف ضوء الشمس. فأخبر الله عنهم في هذه الآية أنهم لو رأوا كسفا ساقِطاً حسب اقتراحهم لبلغ بهم العتو والجهل والبعد عن الحق أن يغالطوا أنفسهم وغيرهم ويقولوا هذا سَحابٌ مَرْكُومٌ. أي كثيف قد تراكم بعضه فوق بعض، ولهذه الآية نظائر في آيات أخر.

قوله عز وجل:

[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]

فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)

قوله: فَذَرْهُمْ وما جرى مجراه من الموادعة منسوخ بآية السيف.

وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو بخلاف عنه «يلقوا» ، والجمهور على «يلاقوا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>