راحوا بصائرهم على أكتافهم ... وبصيرتي يعدو بها عتد وأي
يصف قوما باعوا دم وليهم فكأن دمه حصلت منه طرائق على أكتافهم إذ هم موسومون عند الناس ببيع ذلك الدم.
قال القاضي أبو محمد: ويجوز أن تكون «البصيرة» في بيت الأشعر على المعتقد الحق، أي جعلوا اعتقادهم طلب النار وبصيرتهم في ذلك وراء ظهورهم، كما تقول: طرح فلان أمري وراء ظهره.
وقوله: أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي يحتمل أن يكون تأكيدا للضمير في أَدْعُوا ويحتمل أن تكون الآية كلها أمارة بالمعروف داعية إلى الله الكفرة به والعصاة.
وسُبْحانَ اللَّهِ تنزيه لله، أي وقل: سبحان الله، وقل متبرئا من الشرك. وروي أن هذه الآية: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي إلى آخرها كانت مرقومة على رايات يوسف عليه السلام.
قوله عز وجل:
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٠٩ الى ١١٠]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠)
هذه الآية تتضمن الرد على مستغربي إرسال الرسل من البشر كالطائفة التي قالت: أبعث الله بشرا رسولا، وكالطائفة التي اقترحت ملكا وغيرهما.
وقرأ الجمهور: «يوحى إليهم» بالياء وفتح الحاء، وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر، وقرأ في رواية حفص: «نوحي» بالنون وكسر الحاء وهي قراءة أبي عبد الرحمن وطلحة.
والْقُرى: المدن، وخصصها دون القوم المنتوين- أهل العمود- فإنهم في كل أمة أهل جفاء وجهالة مفرطة، قال ابن زيد: أَهْلِ الْقُرى أعلم وأحلم من أهل العمود.
قال القاضي أبو محمد: فإنهم قليل نبلهم ولم ينشىء الله فيهم رسولا قط. وقال الحسن: لم يبعث الله رسولا قط من أهل البادية ولا من النساء ولا من الجن.
قال القاضي أبو محمد: والتبدي مكروه إلا في الفتن وحين يفر بالدين، كقوله عليه السلام «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما» الحديث. وفي ذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمة بن الأكوع وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعرب في الإسلام» وقال: من «بدا جفا» . وروي عنه معاذ بن جبل أنه قال: «الشيطان ذيب الإنسان كذيب الغنم يأخذ الشاة القاصية فإياكم والشعاب وعليكم بالمساجد والجماعات والعامة» .
قال القاضي أبو محمد: ويعترض هذا ببدو يعقوب، وينفصل عن ذلك بوجهين: