بلفظ يعم الساعة وغيرها، وأخبر عن البشر أنهم لا يشعرون أَيَّانَ يُبْعَثُونَ وبهذه الآية احتجت عائشة رضي الله عنها على قولها ومن زعم أن محمدا يعلم الغيب فقد أعظم الفرية، والمكتوبة في قوله تعالى:
إِلَّا اللَّهُ بدل من مَنْ، وقرأ جمهور الناس «أيان» بفتح الهمزة، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي «إيان» بكسرها وهما لغتان، وقرأ جمهور القراء «بل ادارك» أصله تدارك أدغمت التاء في الدال بعد أن أبدلت ثم احتيج إلى ألف الوصل، وقرأ أبي بن كعب فيما روي عنه «تدارك» ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «بل أدرك» على وزن افتعل وهي بمعنى تفاعل، وقرأ سليمان بن يسار وعطاء بن يسار «بل ادّرك» بفتح الام ولا همزة تشديد الدال دون الف، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر وأهل مكة، «بل أدرك» وقرأ مجاهد «أم أدرك» بدل «بل» ، وفي مصحف أبي بن كعب «أم تدارك علمهم» ، وقرأ ابن عباس «بل أدرك» وقرأ ابن عباس أيضا «بل آدارك» بهمزة ومدة على جهة الاستفهام، وقرأ ابن محيصن «بل آدرك» على الاستفهام ونسبها أبو عمرو الداني إلى ابن عباس والحسن.
فأما قراءة الاستفهام فهي على معنى الهزء بالكفرة والتقرير لهم على ما هو في غاية البعد عنهم أي أعلموا أمر الآخرة وأدركها علمهم؟ وأما القراءات المتقدمة فتحتمل معنيين أحدهما «بل أدرك علمهم» أي تناهى كما تقول أدرك النبات وغيره وكما تقول هذا ما أدرك علمي من كذا وكذا فمعناه قد تتابع وتناهى علمهم بالآخرة إلى أن لا يعرفوا لها مقدارا فيؤمنوا، وإنما لهم ظنون كاذبة أو إلى أن لا يعرفوا لها وقتا وكذلك «أدرك وتدارك» وسواها وإن جملت هذه القراءة معنى التوقيف والاستفهام ساغ وجاء إنكارا لأن أدركوا شيئا نافعا، والمعنى الثاني «بل أدرك» بمعنى يدرك أي إنهم في الآخرة يدرك علمهم وقت القيامة، ويرون العذاب والحقائق التي كذبوا بها وأما في الدنيا فلا. وهذا هو تأويل ابن عباس ونحى إليه الزجاج، فقوله فِي الْآخِرَةِ على هذا التأويل ظرف، وعلى التأويل الأول فِي بمعنى الباء، و «العلم» قد يتعدى بحرف الجر تقول علمي يزيد كذا ومنه قول الشاعر: [الطويل] وعلمي بإسدام المياه.... البيت ثم وصفهم عز وجل بأنهم فِي شَكٍّ مِنْها ثم أردف بصفة هي أبلغ من الشك وهي العمى بالجملة عن أمر الآخرة، وعَمُونَ أصله عميون كحذرون وغيره.