وقوله: وَآتاكُمْ للجنس من البشر، أي إن الإنسان بجملته قد أوتي من كل ما شأنه أن يسأل وينتفع به، ولا يطرد هذا في واحد من الناس وإنما تفرقت هذه النعم في البشر، فيقال- بحسب هذا- للجميع أوتيتم كذا- على جهة التعديد للنعمة- وقيل المعنى: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ أن لو سألتموه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قريب من الأول.
وما في قوله: ما سَأَلْتُمُوهُ يصح أن تكون مصدرية، ويكون الضمير في قوله: سَأَلْتُمُوهُ عائدا على الله تعالى: ويصح أن يكون ما بمعنى الذي، ويكون الضمير عائدا على الذي.
وقرأ الضحاك بن مزاحم «من كلّ ما سألتموه» بتنوين «كل» وهي قراءة الحسن وقتادة وسلام، ورويت عن نافع، المعنى: وآتاكم من كل هذه المخلوقات المذكورات قبل. ما من شأنه أن يسأل لمعنى الانتفاع به. ف ما في قوله: ما سَأَلْتُمُوهُ مفعول ثان ب آتاكُمْ وقال بعض الناس: ما نافية على هذه القراءة أي أعطاكم من كل شيء لم يعرض له.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تفسير الضحاك. وأما القراءة الأولى بإضافة كُلِّ إلى ما- فلا بد من تقدير المفعول الثاني جزءا أو شيئا ونحو هذا.
وقوله: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها أي لكثرتها وعظمها في الحواس والقوى والإيجاد بعد العدم والهداية للإيمان وغير ذلك. وقال طلق بن حبيب: إن حق الله تعالى أثقل من أن يقوم به العباد، ونعمه أكثر من أن يحصيها العباد. ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين وقال أبو الدرداء: من لم ير نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل علمه وحضر عذابه.
وقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ يريد به النوع والجنس المعنى: توجد فيه هذه الخلال وهي الظلم والكفر، فإن كانت هذه الخلال من جاحد فهي بصفة وإن كانت من عاص فهي بصفة أخرى.