مجراها، ومعنى هُوَ الْحَقُّ أي صفة الألوهية له حق، فيحسن في القول تقدير ذو، وكذلك الباب متى أخبر بمصدر عن عين فالتقدير ذو كذا وحق مصدر ومنه قول الشاعر:
فإنما هي إقبال وإدبار وهذا كثير ومتى قلت كذا وكذا حق فإنما معناه اتصاف كذا بكذا حق، وقوله وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ يصح أن يريد الأصنام وتكون بمعنى الذي ويكون الإخبار عنها ب الْباطِلُ على نحو ما قدمناه في الْحَقُّ، ويصح أن تكون ما مصدرية كأنه قال وأن دعاءكم من دونه آلهة الباطل أي الفعل الذي لا يؤدي إلى الغاية المطلوبة به، وقرأ الجمهور «تدعون» بالتاء من فوق، وقرأ «يدعون» بالياء ابن وثاب والأعمش وأهل مكة ورويت عن أبي عمرو، وباقي الآية بين.
الرؤية في قوله أَلَمْ تَرَ رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع، والْفُلْكَ جمع وواحد بلفظ واحد، وقرأ موسى بن الزبير «الفلك» بضم اللام، وقوله بِنِعْمَتِ اللَّهِ يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات، فالباء للأرزاق، ويحتمل أن يريد الريح وتسخير الله البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب، وقرأ الجمهور «بنعمة» ، وقرأ الأعرج ويحيى بن يعمر «بنعمات» على الجمع، وقرأ ابن أبي عبلة «بنعمات» بفتح النون وكسر العين، وذكر تعالى من صفة المؤمن «الصبار» و «الشكور» لأنهما عظم أخلاقه الصبر على الطاعات وعلى النوائب وعلى الشهوات، والشكر على الضراء والسراء، وقال الشعبي الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله. و «غشي» غطى، أو قارب، و «الظلل» السحاب، وقرأ محمد بن الحنفية «الظلال» ومنه قول النابغة الجعدي يصف البحر: [الوافر]
يماشيهن أخضر ذو ظلال ... على حافاته فلق الدنان
ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن الأوثان والأصنام لا شرك لها فيه ولا مدخل وقوله تعالى: فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ قال الحسن منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم.
وقال مجاهد: يريد فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ على كفره أي منهم من يسلم الله ويفهم نحو هذا من القدرة وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ونشأته، والختّار القبيح الغدر وذلك أن نعم الله تعالى على