وهي مكية في قول جمهور المفسرين، وحكى النقاش أنه قيل إن فيها من المدني قوله: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ [المرسلات: ٤٨] على قول من قال إنها حكاية عن حال المنافقين في القيامة، وإنها بمعنى قوله تعالى: يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [القلم: ٤٢] وقال ابن مسعود: نزلت هذه السورة ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء، الحديث بطوله.
قال كثير من المفسرين: الْمُرْسَلاتِ، الرسل إلى الناس من الأنبياء كأنه قال: والجماعات المرسلات، وقال أبو صالح ومقاتل وابن مسعود: الْمُرْسَلاتِ الملائكة المرسلة بالوحي، وبالتعاقب على العباد طرفي النهار، وقال ابن مسعود أيضا وابن عباس ومجاهد وقتادة: الْمُرْسَلاتِ، الرياح، وقال الحسن بن أبي الحسن: الْمُرْسَلاتِ السحاب. وعُرْفاً معناه على القول الأول عُرْفاً من الله وإفضالا على عباده ببعثة الرسل.
ومنه قول الشاعر [الحطيئة] : [البسيط]
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
ويحتمل أن يريد بقوله عُرْفاً أي متتابعة على التشبيه بتتابع عرف الفرس وأعراف الجبال ونحو ذلك، والعرب تقول: الناس إلى فلان عرف واحد إذا توجهوا إليه، ويحتمل أن يريد بالعرف أي بالحق، والأمر بالمعروف، وهذه الأقوال في عرف تتجه في قول من قال في الْمُرْسَلاتِ إنها الملائكة، ومن قال إن الْمُرْسَلاتِ الرياح اتجه في العرف القول الأول على تخصيص الرياح التي هي نعمة وبها الأرزاق والنجاة في البحر وغير ذلك مما لا فقه فيه، ويكون الصنف الآخر من الرياح في قوله فَالْعاصِفاتِ