وقوله تعالى جلت قدرته وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ لفظ خبر يتضمن الأمر، أي فلا تركن إلى شيء من ذلك، وقوله تعالى: وَما بَعْضُهُمْ الآية، قال السدي وابن زيد: المعنى ليست اليهود متبعة قبلة النصارى ولا النصارى متبعة قبلة اليهود، فهذا إعلام باختلافهم وتدابرهم وضلالهم، وقال غيرهما: معنى الآية: وما من أسلم معك منهم بمتبع قبلة من لم يسلم، ولا من لم يسلم بمتبع قبلة من أسلم.
قال القاضي أبو محمد: والأول أظهر في الأبعاض، وقبلة النصارى مشرق الشمس وقبلة اليهود بيت المقدس.
وقوله تعالى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ الآية، خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، وما ورد من هذا النوع الذي يوهم من النبي صلى الله عليه وسلم ظلما متوقعا فهو محمول على إرادة أمته لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم وقطعنا أن ذلك لا يكون منه فإنما المراد من يمكن أن يقع ذلك منه، وخوطب النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما للأمر.
والأهواء جمع هوى، ولا يجمع على أهوية، على أنهم قد قالوا: ندى وأندية. قال الشاعر:[مرة بن محكان] : [البسيط]
في ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب في ظلمائها الطّنبا
وهوى النفس إنما يستعمل في الأكثر: فيما لا خير فيه، وقد يستعمل في الخير مقيدا به، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أسرى بدر: فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، و «إذا» حرف معناه أن تقرر ما ذكر.
الَّذِينَ في موضع رفع بالابتداء، والخبر يَعْرِفُونَهُ، ويصح أن يكون في موضع خفض نعتا للظالمين ويَعْرِفُونَهُ في موضع الحال.
وخص الأبناء دون الأنفس وهي ألصق، لأن الإنسان يمر عليه من زمنه برهة لا يعرف فيها نفسه، ولا يمر عليه وقت لا يعرف فيه ابنه، والمراد هنا معرفة الوجه وميزه لا معرفة حقيقة النسب، ولعبد الله بن سلام رضي الله عنه في هذا الموضع كلام معترض يأتي موضعه إن شاء الله، والضمير في يَعْرِفُونَهُ عائد على الحق في القبلة والتحول بأمر الله إلى الكعبة، قاله ابن عباس وقتادة وابن جريج والربيع، وقال قتادة أيضا