هذا هو المثال الذي يعطي للمعتبر فيه جواز بعث الأجساد وذلك أن إحياء الأرض بعد موتها بين فكذلك الأجساد، وهامِدَةً معناه ساكنة دارسة بالية ومنه قيل همد الثوب إذا بلي، قال الأعشى:
[الكامل]
قالت قتيلة ما لجسمك شاحبا ... وأرى ثيابك باليات همدا
واهتزاز الأرض هو حركتها بالنبات وغير ذلك مما يعتريها بالماء، وَرَبَتْ معناه نشزت وارتفعت ومنه الربوة وهو المكان المرتفع، وقرأ جعفر بن القعقاع «وربأت» بالهمز، ورويت عن أبي عمرو وقرأها عبد الله بن جعفر وخالد بن إلياس وهي غير وجيهة ووجهها أن تكون من ربأت القوم إذا علوت شرفا من الأرض طليعة فكأن الأرض بالماء تتطاول وتعلو، و «الزوج» النوع، و «البهيج» فعيل من البهجة وهي الحسن قاله قتادة وغيره.
قوله تعالى: ذلِكَ إشارة إلى كون ما تقدم ذكر ف ذلِكَ ابتداء، وخبره بِأَنَّ أي هو بِأَنَّ اللَّهَ تعالى «حق» محيي قادر وقوله وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ ليس بسبب لما ذكر لكن المعنى أن الأمر مرتبط بعضه ببعض أو على تقدير: والأمر أن الساعة، وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ الآية، الإشارة بقوله وَمِنَ النَّاسِ إلى القوم المتقدم ذكرهم، وحكى النقاش عن محمد بن كعب أنه قال نزلت الآية في الأخنس بن شريق وكرر هذه على جهة التوبيخ فكأنه يقول فهذه الأمثال في غاية الوضوح والبيان وَمِنَ النَّاسِ مع ذلك مَنْ يُجادِلُ فكأن الواو واو الحال والآية المتقدمة الواو فيها واو عطف جملة الكلام على ما قبلها، والآية على معنى الإخبار وهي هاهنا مكررة للتوبيخ، وثانِيَ حال من ضمير في يُجادِلُ ولا يجوز أن تكون من مِنَ لأنها ابتداء والابتداء إنما عمله الرفع لا النصب وإضافة ثانِيَ غير معتد بها لأنها في معنى الانفصال إذ تقديرها ثانيا عطفه، وقوله ثانِيَ عِطْفِهِ عبارة عن المتكبر المعرض قاله ابن عباس وغيره، ع: وذلك أن صاحب الكبر يرد وجهه عما يتكبر عنه فهو يرد وجهه يصعر خده ويولي صفحته ويلوي عنقه ويثني عطفه وهذه هي عبارات المفسرين، والعطف الجانب وقرأ الحسن «عطفه» بفتح العين والعطف السيف لأن صاحبه يتعطفه أي يصله بجنبه، وقرأ الجمهور «ليضل» بضم الياء، وقرأ مجاهد وأهل مكة بفتح الياء، وكذلك قرأ أبو عمرو، و «الخزي» الذي توعد به النضر بن الحارث في أسره يوم بدر وقتله بالصفراء، و «الحريق» طبقة من طبقات جهنم، وقوله تعالى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ بمعنى يقال له ونسب التقديم إلى اليدين إذ هما آلتا الاكتساب واختلف في الوقف على قوله يَداكَ فقيل لا يجوز لأن التقدير: وبأن الله أي وَأَنَّ اللَّهَ هو العدل فيك بجرائمك وقيل يجوز بمعنى والأمر أن الله تعالى لَيْسَ بِظَلَّامٍ و «العبيد» هنا ذكروا في معنى مكسنتهم وقلة قدرتهم فلذلك جاءت هذه الصيغة.