تعالى: مُخَلَّقَةٍ معناه متممة البنية، وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ غير متممة أي التي تستسقط قاله مجاهد وقتادة والشعبي وأبو العالية فاللفظة بناء مبالغة من خلق ولما كان الإنسان فيه أعضاء متباينة وكل واحد منها مختص بخلق حسن في جملته تضعيف الفعل لأن فيه خلقا كثيرة، وقرأ ابن أبي عبلة «مخلقة» بالنصب «وغير» بالنصب في الراء ويتصل بهذا الموضوع من الفقه أن العلماء اختلفوا في أم الولد إذا أسقطت مضغة لم تصور هل تكون أم ولد بذلك فقال مالك والأوزاعي وغيرهما: هي أم ولد بالمضغة إذا علم أنها مضغة الولد، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا حتى يتبين فيه خلق ولو عضو واحد، وقوله تعالى: لِنُبَيِّنَ قالت فرقة معناه لنبين أمر البعث فهو اعتراض بين الكلامين، وقرأت هذه الفرقة بالرفع في «نقرّ» ، المعنى ونحن نقر وهي قراءة الجمهور، وقالت فرقة لِنُبَيِّنَ معناه بكون المضغة غير مخلقة وطرح النساء إياها كذلك نبين للناس أن المناقل في الرحم هي هكذا، وقرأت هذه الفرقة «ونقرّ» بالنصب وكذلك قرأت «ونخرجكم» بالنصب وهي رواية المفضل عن عاصم، وحكى أبو عمرو الداني أن رواية المفضل هذه هي بالياء في «يقر» وفي «يخرجكم» والرفع على هذا التأويل سائغ ولا يجوز النصب على التأويل الأول، وقرأ ابن وثاب «ما نشاء» بكسر النون، و «الأجل المسمى» هو مختلف بحسب جنين جنين فثم من يسقط وثم من يكمل أمره ويخرج حيا، وقوله تعالى: طِفْلًا اسم الجنس أي أطفالا، واختلف الناس في «الأشد» من ثمانية عشر إلى ثلاثين، إلى اثنين وثلاثين، إلى ستة وثلاثين، إلى أربعين، إلى خمسة وأربعين، واللفظ تقال باشتراك، فأشد الإنسان على العموم غير أشد اليتيم الذي هو الاحتلام، و «الأشد» في هذه الآية يحتمل المعنيين، والرد إلى أرذل العمر هو حصول الإنسان في زمانة واختلال قوة حتى لا يقدر على إقامة الطاعات واختلال عقل حتى لا يقدر على إقامة ما يلزمه من المعتقدات، وهذا أبدا يلحق مع الكبر وقد يكون أَرْذَلِ الْعُمُرِ في قليل من السن بحسب شخص ما لحقته زمانة وقد ذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَرْذَلِ الْعُمُرِ خمسة وسبعون سنة وهذا فيه نظر وإن صح عن علي رضي الله عنه فلا يتوجه إلا أن يريد على الأكثر فقد نرى كثيرا أبناء ثمانين سنة ليسوا في أرذل العمر، وقرأ الجمهور «العمر» مشبعة وقرأ نافع «العمر» مخففة الميم واختلف عنه، قوله تعالى: لِكَيْلا يَعْلَمَ أي لينسى معارفه وعلمه الذي كان معه فلا يعلم من ذلك شيئا فهذا مثال واحد يقضي للمعتبر به أن القادر على هذه المناقل المتقن لها قادر على إعادة تلك الأجساد التي أوجدها بهذه المناقل إلى حالها الأولى.