ورفعها على خبر ابتداء مضمر تقديره «على الذي هو أحسن» وضعف أبو الفتح هذه القراءة لقبح حذف المبتدأ العائد، وقال بعض نحويي الكوفة يصح أن يكون أَحْسَنَ صفة ل الَّذِي من حيث قارب المعرفة إذ لا تدخله الألف واللام كما تقول العرب مررت بالذي خير منك ولا يجوز فالذي عالم، وخطأ الزجاج هذا القول الكوفي، وتَفْصِيلًا يريد بيانا وتقسيما ولَعَلَّهُمْ ترج بالإضافة إلى البشر، وبِلِقاءِ رَبِّهِمْ أي بالبعث الذي الإيمان به نهاية تصديق الأنبياء صلوات الله عليهم، إذ لا تلزمه العقول بذواتها وإنما ثبت بالسمع مع تجويز العقل له.
هذا إشارة إلى القرآن، ومُبارَكٌ وصف بما فيه من التوسعات وإزالة أحكام الجاهلية وتحريماتها وجمع كلمة العرب وصلة أيدي متبعيه وفتح الله على المؤمنين به ومعناه منمي خيره مكثر، و «البركة» الزيادة والنمو، وفَاتَّبِعُوهُ دعاء إلى الدين، وَاتَّقُوا الأظهر فيه أنه أمر بالتقوى العامة في جميع الأشياء بقرينة قوله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وأَنْ من قوله أَنْ تَقُولُوا في موضع نصب، والعامل فيه أَنْزَلْناهُ والتقدير وهذا كتاب أنزلناه كراهية أن، وهذا أصح الأقوال وأضبطها للمعنى المقصود، وقيل العامل في أَنْ قوله وَاتَّقُوا فكأنه قال واتقوا أن تقولوا، وهذا تأويل يتخرج على معنى واتقوا أن تقولوا كذا، لأنه لا حجة لكم فيه، ولكن يعرض فيه قلق لقوله أثناء ذلك لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وفي التأويل الأول يتسق نظم الآية، و «الطائفتان» اليهود والنصارى بإجماع من المتأولين والدراسة القراءة والتعلم بها، وأَنْ في قوله وَإِنْ كُنَّا مخففة من الثقيلة، واللام في قوله لَغافِلِينَ لام توكيد، هذا مذهب البصريين وحكى سيبويه عن بعض العرب أنهم يخففونها ويبقونها على عملها، ومنه قراءة بعض أهل المدينة وإن كلا وأما المشهور فإنها إذا خففت ترجع حرف ابتداء لا تعمل، وأما على مذهب الكوفيين ف أَنْ في هذه الآية بمعنى ما النافية، واللام بمعنى إلا، فكأنه قال وما كنا عن دراستهم إلا غافلين.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: معنى هذه الآية إزالة الحجة عن أيدي قريش وسائر العرب بأنهم لم يكن لهم كتاب، فكأنه قال: وهذا القرآن يا معشر العرب أنزل حجة عليكم لئلا تقولوا إنما أنزلت التوراة والإنجيل بغير لساننا على غيرنا، ونحن لم نعرف ذلك، فهذا كتاب بلسانكم ومع رجل منكم، وقوله تعالى: أَوْ تَقُولُوا جملة معطوفة على الجملة الأولى، وهي في غرضها من الاحتجاج على الكفار وقطع تعلقهم في الآخرة بأن الكتب إنما أنزلت على غيرهم وأنهم غافلون عن الدراسة والنظر في الشرع وأنهم لو نزل عليهم كتاب لكانوا أسرع إلى الهدى من الناس كلهم، فقيل لهم: قد جاءكم بيان من الله وهدى