وهي مكية بإجماع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل ليلة عند أخذ مضجعه. رواه جماعة مرفوعا إلى جابر بن عبد الله، ويروى عنه أنه قال:«إنها لتنجي من عذاب القبر وتجادل عن حافظها حتى لا يعذب» ، ويروى أن في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد أجاد وطيب، وروي عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«وددت أن سورة تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك: ١] في قلب كل مؤمن» .
تَبارَكَ تفاعل من البركة، وهي التزيد في الخيرات، ولم يستعمل بيتبارك ولا متبارك، وقوله:
بِيَدِهِ عبارة عن تحقيق «الملك» ، وذلك أن اليد في عرف الآدميين هي آلة التملك فهي مستعرة، والْمُلْكُ على الإطلاق هو الذي لا يبيد ولا يختل منه شيء، وذلك هو ملك الله تعالى، وقيل المراد في هذه الآية: ملك الملوك، فهو بمنزلة قوله: اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران: ٢٦] ، عن ابن عباس رضي الله عنه. وقوله تعالى: وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عموم، والشيء معناه في اللغة الموجود، والْمَوْتَ وَالْحَياةَ معنيان يتعاقبان جسم الحيوان يرتفع أحدهما بحلول الآخر، وما في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم:«يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح على الصراط» ، فقال أهل العلم: ذلك تمثال كبش يوقع الله عليه العلم الضروري لأهل الدارين، إنه الموت الذي ذاقوه في الدنيا، ويكون ذلك التمثال حاملا للموت على أنه يحل الموت فيه، فتذهب عنه حياة، ثم يقرن الله تعالى بذبح ذلك التمثال إعدام الموت. وقوله تعالى: خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أي ليختبركم في حال الحياة ويجازيكم بعد الموت، وقال أبو قتادة نحوه عن ابن عمر: قلت يا رسول الله: ما معنى قوله تعالى:
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فقال: «يقول: أيكم أحسن عقلا، وأشدكم لله خوفا، وأحسنكم في أمره ونهيه، نظرا وإن كانوا أقلكم تطوعا. وقال ابن عباس وسفيان الثوري والحسن بن أبي الحسن: أَيُّكُمْ