القطع، وقرأ جمهور القراء «كسفا» بفتح السين، وقرأ ابن عباس «كسفا» بسكون السين وهي قراءة الحسن وأبي جعفر والأعرج وهما بناءان للجمع كما يقال وسدر بسكون الدال وسدر بفتح الدال، وقال مكي: من أسكن السين فمعناه يجعل السحاب قطعة واحدة، والْوَدْقَ الماء يمطر ومنه قول الشاعر:[المتقارب]
فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها
وخِلالِهِ الفطور الذي بين بعضه وبعض لأنه متخلخل الأجزاء، وقرأ الجمهور «من خلاله» بكسر الخاء وألف بعد اللام جمع خلل كجبل وجبال، وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس والضحاك والحسن بخلاف عنه «من خلله» وهم اسم جنس، والضمير في خِلالِهِ يحتمل أن يعود على السحاب ويحتمل أن يعود على الكسف في قراءة من قرأ بسكون السين، وذكر الضمير مراعاة اللفظ لا لمعنى الجمع، كما تقول هذا تمر جيد ومن الشجر الأخضر نارا، ومن قرأ «كسفا» بفتح السين فلا يعيد الضمير إلا على السحاب فقط، وقوله تعالى: مِنْ قَبْلِهِ تأكيد أفاد سرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار وذلك أن قوله مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ يحتمل الفسحة في الزمان أي من قبل بكثير كالأيام ونحوه فجاء قوله مِنْ قَبْلِهِ بمعنى أن ذلك متصل بالمطر فهو تأكيد مفيد، وقرأ يعقوب وعيسى وأبو عمرو بخلاف عنه «ينزل» مخففة، وقرأت عامة القراء بالتثقيل في الزاي، وقرأ ابن مسعود عليهم «لمبلسين» بسقوط مِنْ قَبْلِهِ والإبلاس الكون في حال سوء مع اليأس من زوالها، ثم عجبه يراد بها جميع الناس من أجل رحمة الله وهي المطر، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «أثر» بالإفراد، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «آثار» بالجمع، واختلف عن عاصم، وقرأ سلام «إلى إثر» بكسر الهمزة وسكون الثاء، وقوله كَيْفَ يُحْيِ يحتمل أن يكون الضمير الذي في الفعل للأثر، ويحتمل أن يكون لله تعالى وهو أظهر، وقرأت فرقة «كيف تحيى» بالتاء المفتوحة «الأرض» بالرفع، وقرأ الجحدري وابن السميفع وأبو حيوة «تحيي» بتاء مضمومة على أن إسناد الفعل إلى ضمير الرحمة «الأرض» نصبا، قال أبو الفتح: قوله «كيف تحيى» جملة منصوبة الموضع على الحال حملا على المعنى كأنه قال محيية، وهذه الحياة والموت استعارة في القحط والإعشاب، ثم أخبر تعالى على جهة القياس والتنبيه عليه بالبعث والنشور، وقوله عَلى كُلِّ شَيْءٍ عموم.
ثم أخبر تعالى عن حال تقلب ابن آدم في أنه بعيد الاستبشار بالمطر أن بعث الله ريحا فاصفر بها النبات ظلوا يكفرون قلقا منهم وقلة توكل وتسليم لله تعالى، والضمير في «رأوه» للنبات كما قلنا أو للأثر وهو حوة النبات الذي أحييت به الأرض وقال قوم هو للسحاب، وقال قوم هو للريح، وهذا كله ضعيف، واللام في لَئِنْ مؤذنة بمجيء القسم، وفي لَظَلُّوا لام القسم، وقوله «ظلوا» فعل ماض نزله منزلة