للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلم الله من خلق؟ قال مكي: وتعلق أهل الزيغ بهذا التأويل لأنه يعطي أن الذين خلقهم الله هم العباد من حيث قال: مَنْ فتخرج الأعمال عن ذلك، لأن المعتزلة تقول: العباد يخلقون أعمالهم.

قال القاضي أبو محمد: وتعلقهم بهذا التأويل ضعيف، والكلام مع المعتزلة في مسألة خلق الأعمال مأخذه غير هذا، لأن هذه الآية حجة فيها لهم ولا عليهم، والذلول فعول بمعنى مفعول أي مذلول. فهي كركوب وحلوب، يقال: ذلول، بين الذل بضم الذال، واختلف المفسرون في معنى: المناكب، فقال ابن عباس: أطرافها وهي الجبال، وقال الفراء ومنذر بن سعيد: جوانبها، وهي النواحي، وقال مجاهد: هي الطرف والفجاج، وهذا قول جار مع اللغة، لأنها تنكب يمنة ويسرة، وينكب الماشي فيها، في مناكب.

وهذه الآية تعديد نعم في تقريب التصرف للناس، وفي التمتع فقي رزق الله تعالى، والنُّشُورُ: الحياة بعد الموت.

قوله عز وجل:

[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٦ الى ٢٠]

أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (٢٠)

قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر: «أأمنتم» بهمزتين مخففتين دون مد، وقرأ أبو عمرو ونافع:

«النشور آمنتم» بمد وهمزة، وقرأ ابن كثير: «النشور وأمنتم» ببدل الهمزة واوا لكونها بعد ضمة وهو بعد الواو. وقوله تعالى: مَنْ فِي السَّماءِ جار على عرف تلقي البشر أوامر الله تعالى، ونزول القدر بحوادثه ونعمه ونقمه وآياته من تلك الجهة، وعلى ذلك صار رفع الأيدي والوجوه في الدعاء إلى تلك الناحية.

وخسف الأرض: أن تذهب سفلا، وتَمُورُ معناه: تذهب وتتموج كما يذهب التراب الموار وكما يذهب الدم الموار. ومنه قول الأعرابي: وغادرت التراب مورا، والحاصب: البرد وما جرى مجراه لأنه في اللغة الريح ترمي بالحصباء، ومنه قول الفرزدق: [البسيط]

مستقبلين شمال الريح ترجمهم ... بحاصب كنديف القطن منشور

وقرأ جمهور السبعة: «فستعلمون» بالتاء، وقرأ الكسائي وحده: «فسيعلمون» بالياء، وقرأ السبعة وغيرهم: «نذير» بغير ياء على طريقهم في الفواصل المشبهة بالقوافي، وقرأ نافع في رواية ورش وحده:

«نذيري» بالياء على الأصل، وكذلك في «نكيري» والنكير: مصدر بمعنى الإنكار، والنذير كذلك. ومنه قول حسان بن ثابت: [الوافر]

فأنذر مثلها نصحا قريشا ... من الرحمن ان قلبت نذيري

<<  <  ج: ص:  >  >>