الآيتين، وقوله وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إلى يَسْتَقْدِمُونَ، الضمير في يَقُولُونَ يراد به الكفار، وسؤالهم عن الوعد تحرير بزعمهم في الحجة، أي هذا العذاب الذي توعدنا حدد لنا فيه وقته لنعلم الصدق في ذلك من الكذب، وقال بعض المفسرين: قولهم هذا على جهة الاستخفاف.
قال القاضي أبو محمد: وهذا لا يظهر من اللفظة، ثم أمره تعالى أن يقول لهم لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ، المعنى قل لهم يا محمد ردا للحجة إني لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً من دون الله ولا أنا إلا في قبضة سلطانه وبضمن الحاجة إلى لطفه، فإذا كنت هكذا فأحرى أن لا أعرف غيبه ولا أتعاصى شيئا من أمره، ولكن لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ انفرد الله تعالى بعلم حده ووقته، فإذا جاء ذلك الأجل في موت أو هلاك أمة لم يتأخروا ساعة ولا أمكنهم التقدم عن حد الله عز وجل، وقرأ ابن سيرين «آجالهم» بالجمع.
المعنى: قال يا أيها الكفرة المستعجلون عذاب الله عز وجل أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ ليلا وقت المبيت، يقال: بيت القوم القوم إذا طرقوهم ليلا بحرب أو نحوها أَوْ نَهاراً لكم منه منعة أو به طاقة؟ فماذا تستعجلون منه، وأنتم لا قبل لكم به؟ و «ما» ابتداء و «ذا» خبره، ويصح أن تكون ماذا بمنزلة اسم واحد في موضع رفع بالابتداء وخبره الجملة التي بعده، وضعف هذا أبو علي وقال: إنما يجوز ذلك على تقدير إضمار في يَسْتَعْجِلُ وحذفه كما قال [أبو النجم] : [الرجز] كله لم أصنع وزيدت ضربت قال: ويصح أن تكون ماذا في حال نصب ل يَسْتَعْجِلُ، والضمير في مِنْهُ يحتمل أن يعود على الله عز وجل، ويحتمل أن يعود على «العذاب» ، وقوله أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ الآية، عطف بقوله ثُمَّ جملة القول على ما تقدم ثم أدخل على الجميع ألف التقرير، ومعنى الآية: إذا وقع العذاب وعاينتموه آمنتم به حينئذ، وذلك غير نافعكم بل جوابكم الآن وقد كنتم تستعجلونه مكذبين به، وقرأ طلحة بن مصرف «أثم» بفتح الثاء، وقال الطبري في قوله «ثم» بضم الثاء، معناه هنالك وقال: ليست «ثم» هذه التي تأتي بمعنى العطف.
قال القاضي أبو محمد: والمعنى صحيح على أنها «ثم» المعروفة ولكن إطباقه على لفظ التنزيل هو كما قلنا، وما ادعاه الطبري غير معروف، وآلْآنَ أصله عند بعض النحاة آن فعل ماض دخلت عليه الألف واللام على حدها في قوله: الحمار اليجدع ولم يتعرف بذلك كل التعريف ولكنها لفظة مضمنة معنى