للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الهضيم» الرخص اللطيف أول ما يخرج، وقال الزجاج هو فيما قيل الذي رطبه بغير نوى، وقال الضحاك «الهضيم» معناه المنضد بعضه على بعض.

قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وقرأ الجمهور «تنحتون» بكسر الحاء، وقرأ عيسى بفتحها، وذكر أنها لغة قال أبو عمرو وهي قراءة الحسن وأبي حيوة، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر «فارهين» وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو «فرهين» ، وقرأ مجاهد «متفرهين» على وزن متفعلين، واللفظة مأخوذة من الفراهة وهي جودة منظر الشيء وخبرته وقوته وكماله في نوعه فمعنى الآية كيسين متهممين قاله ابن عباس، وقال مجاهد شرهين. وقال ابن زيد أقوياء وقال أبو عمرو بن العلاء آشرين بطرين، وذهب عبد الله بن شداد إلى أنه بمعنى مستفرهين أي مبالغين في استجادة الفاره من كل ما تصنعونه وتشتهونه، وقوله وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ خاطب به جمهور قومه وعنى، ب الْمُسْرِفِينَ كبراءهم وأعلام الكفر والإضلال فيهم، وقولهم مِنَ الْمُسَحَّرِينَ فيه تأويلان: أحدهما مأخوذ من السّحر بكسر السين أي قد سحرت فأنت لذلك مخبول لا تنطق بقويم، والثاني أنه مأخوذ من السّحر بفتح السين وهي الرئة وبسببها يقال انفتح سحره. وقيل السحر قصبة الرئة بما يتعلق بها من كبد وغيره، أي أنت ابن آدم لا يصح أن تكون رسولا عن الله، وما بعده في الآية يقوي هذا التأويل ومن اللفظة قول لبيد: [الطويل]

فإن تسألينا فيم نحن فإننا ... عصافير من هذا الأنام المسحر

ويقال للاغتداء التسحير ومنه قول امرئ القيس:

«ونسحر بالطعام وبالشراب»

ثم اقترحوا عليه «آية» وروي أنهم اقترحوا خروج ناقة من جبل من جبالهم، وقصتها في هذه الآية وجيزة وقد مضت مستوعبة، فلما خرجت الناقة قالَ لهم هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ، وهو الحظ من الماء، وقرأ ابن أبي عبلة «لها شرب ولكم شرب» بضم الشين فيهما، وقد تقدم قصص ورود الناقة، و «السوء» عقرها، وتوعدهم عليه بعذاب ظاهر أمره أنه أراد في الدنيا وكذلك استمر الوجود، ونسب «عقرها» إلى جميعهم مع اختصاص قدار الأحمر بعقرها من حيث اتفقوا على ذلك رأيا وتدبيرا، وقوله فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ لما ظهر لهم تغيير ألوانهم حسبما كان صالح أخبرهم ندموا، ورأوا أن الأمر على ما أخبر به حتى نزل بهم العذاب، وكانت صيحة خمدت لها أبدانهم وانشقت قلوبهم وماتوا عن آخرهم وصبت عليهم حجارة خلال ذلك.

قوله عز وجل:

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٦٠ الى ١٧٥]

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤)

أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩)

فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤)

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>