للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بأنه ينصره وسمى الذنب في هذه الآية باسم العقوبة كما تسمى العقوبة كثيرا باسم الذنب وهذا كله تجوز واتساع، وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين لقيهم كفار في أشهر الحرم فأبى المؤمنون من قتالهم وأبى المشركون إلا القتال فلما اقتتلوا جد المؤمنون ونصرهم الله، فنزلت هذه الآية فيهم، وقوله ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، معناها نصر الله أولياءه ومن بغي عليه بأنه القادر على العظائم الذي لا تضاهى قدرته فأوجزت العبارة بأن أشار ب ذلِكَ إلى النصر وعبر عن القدرة بتفصيلها فذكر منها مثلا لا يدعى لغير الله تعالى، وجعل تقصير الليل وزيادة النهار وعكسهما إيلاجا تجوزا وتشبيها، وقوله ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ معناه نحو ما ذكرناه، وقرأت فرقة «وأن» بفتح الألف، وقرأت فرقة «وإن» بكسر الألف، وقرأت فرقة «تدعون» بالتاء من فوق، وقرأت فرقة «يدعون» ، والإشارة بما يدعى من دونه، قالت فرقة هي إلى الشيطان، وقالت فرقة هي إلى الأصنام والعموم هنا حسن.

قوله عز وجل:

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٣ الى ٦٥]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥)

أَلَمْ تَرَ تنبيه وبعده خبر أَنَّ اللَّهَ تعالى أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فظلت الْأَرْضُ تخضر عنه، وقوله فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ بمنزلة قوله فتضحي أو فتصير عبارة عن استعجالها إثر نزول الماء واستمرارها كذلك عادة، ورفع قوله فَتُصْبِحُ من حيث الآية خبر والفاء عاطفة وليست بجواب لأن كونها جوابا لقوله أَلَمْ تَرَ فاسد المعنى، وروي عن عكرمة أنه قال: هذا لا يكون إلا بمكة وتهامة ومعنى هذا أنه أخذ قوله فَتُصْبِحُ مقصودا به صباح ليلة المطر وذهب إلى أن ذلك الاخضرار في سائر البلاد يتأخر.

قال القاضي أبو محمد: وقد شاهدت هذا في السوس الأقصى نزل المطر بعد قحط وأصبحت تلك الأرض التي تسقيها الرياح قد اخضرت بنبات ضعيف دقيق، وقرأ الجمهور «مخضرة» ، و «اللطيف» المحكم للأمور برفق، واللام في لَهُ ما فِي السَّماواتِ لام الملك والمعنى الذي لا حاجة به إلى شيء هكذا هو على الإطلاق، وقوله سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ يريد من الحيوان والمعادن وسائر المرافق، وقرأ الجمهور «والفلك» بالنصب، وذلك يحتمل وجهين من الإعراب أحدهما أن يكون عطفا على ما بتقدير وسخر الفلك، والآخر أن يكون عطفا على المكتوبة بتقدير وإن الفلك وقوله، تَجْرِي على الإعراب الأول. في موضع الحال، وعلى الإعراب الثاني في موضع الخبر. وقرأت فرقة «والفلك» بالرفع فتجري خبر على هذه القراءة. قوله: بِإِذْنِهِ يحتمل أن يريد يوم القيامة كأن طيّ السماء ونقض هذه الهيئة كوقوعها، ويحتمل أن يريد بذلك الوعيد لهم في أنه إن أذن في سقوط لكسفها عليهم سقطت، ويحتمل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>