بذلك لأنه يوم المجازاة، و «الدين» : الجزاء كما تقول العرب:
كما تدين تدان ومنه قول الفند الزماني:[الهزج]
ولم يبق سوى العدوا ... ن دنّاهم كما دانوا
والإشفاق من أمر يتوقع، لأن نيل عذاب الله للمؤمنين متوقع، والأكثر ناج بحمد الله، لكن عذاب الله لا يأمنه إلا من لا بصيرة له، والفروج في هذه الآية: هي الفروج المعروفة، والمعنى من الزنى، وقال الحسن بن أبي الحسن أراد فروج الثياب وإلى معنى الوطء يعود. ثم استثنى تعالى الوطء الذي أباحه الشرع في الزوجة والمملوكات. وقوله تعالى: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ وحسن دخول عَلى في هذا الموضوع قوله: غَيْرُ مَلُومِينَ، فكأنه قال: إلا أنهم غير ملومين على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم.
وقوله تعالى: ابْتَغى معناه: طلب، وقوله: وَراءَ ذلِكَ معناه: سوى ما ذكر، كأنه أمر قد حد فيه حد، فمن طلب بغيته وراء الحد فهو كمستقبل حد في الأجرام وهو يتعدى، وراءه: أي خلفه، والعادُونَ:
الذين يتجاوزون حدود الأشياء التي لها حدود كان ذلك في الأجرام أو في المعنى.
الأمانات: جمع أمانة، وجمعها لأنها تكون متنوعة من حيث هي في الأموال وفي الأسرار فيما بين العبد وربه فيما أمره ونهاه عنه، قال الحسن: الدين كله أمانة. وقرأ ابن كثير وحده من السبعة:«لأمانتهم» بالإفراد، والعهد: كل ما تقلده الإنسان من قول أو فعل أو مودة، إذا كانت هذه الأشياء على طريق البر، فهو عهد ينبغي رعيه وحفظه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«حسن العهد من الإيمان» و: راعُونَ جمع راع أي حافظ، وقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ معناه في قول جماعة من المفسرين:
أنهم يحفظون ما يشهدون فيه، ويتيقنونه ويقومون بمعانيه حتى لا يكون لهم فيه تقصير، وهذا هو وصف من تمثيل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«على مثل الشمس فاشهد» . وقال آخرون معناه الذين إذا كانت عندهم شهادة ورأوا حقا يدرس أو حرمة لله تنتهك قاموا بشهادهم، وقال ابن عباس: شهادتهم في هذه الآية: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها» ، واختلف الناس في معنى هذا الحديث بحسب المعنيين اللذين ذكرت في الآية، إحداهما: أن يكون يحفظهما متقنة فيأتي بها ولا يحتاج أن يستفهم عن شيء منها ولا أن يعارض. والثاني: إذا رأى حقا يعمل بخلافه وعنده في إحياء الحق شهادة. وروي أيضا عن النبي صلى الله