الحجاز، وقرأ الحسن وإبراهيم وأبو حيوة بفتح الراء، وقرأ إبراهيم منهم، «وإن» بزيادة الواو، والضمير في قوله وَأَقْسَمُوا لكفار قريش، وذكر أن رجلا من المسلمين حاور رجلا من المشركين، فقال في حديثه:
لا والذي أرجوه بعد الموت، فقال له الكافر أو نبعث بعد الموت؟ قال: نعم، فأقسم الكافر مجتهدا في يمينه أن الله لا يبعث أحدا بعد الموت، فنزلت الآية بسبب ذلك، وجَهْدَ مصدر ومعناه فغاية جهدهم، ثم رد الله تعالى عليهم بقوله تعالى بَلى فأوجب بذلك البعث، وقوله وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا مصدران مؤكدان، وقرأ الضحاك «بلى وعد عليه حق» بالرفع في المصدرين، وأَكْثَرَ النَّاسِ في هذه الآية الكفار المكذبون بالبعث.
قال القاضي أبو محمد: والبعث من القبور مما يجوزه العقل، وأثبته خبر الشريعة على لسان جميع النبيين، وقال بعض الشيعة إن الإشارة بهذه الآية إنما هي لعلي بن أبي طالب، وإن الله سيبعثه في الدنيا، وهذا هو القول بالرجعة، وقولهم هذا باطل وافتراء على الله وبهتان من القول رده ابن عباس وغيره.
اللام في قوله لِيُبَيِّنَ تتعلق بما في ضمن قوله بَلى [النحل: ٣٨] لأن التقدير «بلى يبعث ليبين» ، وقيل هي متعلقة بقوله وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا [النحل: ٣٦] والأول أصوب في المعنى، لأن به يتصور كذب الكفار في إنكار البعث، وقوله إِنَّما قَوْلُنا الآية، «إنما» في كلام العرب هي للمبالغة وتحقيق تخصيص المذكور، فقد تكون مع هذا حاصرة إذا دل على ذلك المعنى، كقوله تعالى إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ [النساء: ١٧١] وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما الربا في النسيئة» وقول العرب: إنما الشجاع عنترة، فبقي فيها معنى المبالغة فقط، وإِنَّما في هذه الآية هي للحصر، وقاعدة القول في هذه الآية أن تقول، إن الإرادة والأمر اللذين هما صفتان من صفات الله تعالى القديمة، هما قديمان أزليان، وإن ما في ألفاظ هذه الآية من معنى الاستقبال والاستئناف إنما هو راجع إلى المراد، لا إلى الإرادة، وذلك أن الأشياء المرادة المكونة في وجودها استئناف واستقبال لا في إرادة ذلك ولا في الأمر به، لأن ذينك قديمان، فمن أجل المراد عبر ب إِذا وب نَقُولَ، ويرجع الآن على هذه الألفاظ فتوضح الوجه فيها واحدة واحدة، أما قوله لِشَيْءٍ فيحتمل وجهين: أحدهما أن الأشياء التي هي مرادة وقيل لها كُنْ، معلوم أن للوجود يأتي على جميعها بطول الزمن وتقدير الله تعالى، فلما كان وجودها حتما جاز أن تسمى أشياء وهي في حالة عدم، والوجه الثاني أن يكون قوله لِشَيْءٍ تنبيها لنا على الأمثلة التي تنظر فيها، أي إن كل ما تأخذونه من الأشياء الموجودة فإنما سبيله أن يكون مرادا وقيل له كُنْ فكان، ويكون ذلك الشيء المأخوذ من الموجودات مثالا لما يتأخر من الأمور وما تقدم وفني، فبهذا يتخلص من تسمية المعدوم شيئا، وقوله أَرَدْناهُ منزل منزلة مراد، ولكنه أتى بهذه الألفاظ المستأنفة بحسب أن الموجودات تجيء وتظهر شيئا بعد