هنالك أن يستخولوا المال يخولوا هذه الرواية الواحدة، ويروى يستخبلوا.
وقوله تعالى: نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ قالت فرقة: ما مصدرية، والمعنى نسي دعاءه إليه في حال الضرر ورجع إلى كفره. وقالت فرقة: بمعنى الذي، والمراد بها الله تعالى، وهذا كنحو قوله:
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ [الكافرون: ٣- ٥] وقد تقع «ما» مكان «من» فيما لا يحصى كثرة من كلامهم، ويحتمل أن تكون ما نافية، ويكون قوله: نَسِيَ كلاما تاما، ثم نفى أن يكون دعاء هذا الكافر خالصا لله ومقصودا به من قبل النعمة، أي في حال الضرر، ويحتمل أن تكون ما نافية ويكون قوله: مِنْ قَبْلُ يريد به: من قبل الضرر، فكأنه يقول: ولم يكن هذا الكافر يدعو في سائر زمنه قبل الضرر، بل ألجأه ضرره إلى الدعاء. والأنداد: الأضداد التي تضاد وتزاحم وتعارض بعضها بعضا. قال مجاهد: المراد من الرجال يطيعونهم في معصية الله تعالى. وقال غيره: المراد الأوثان.
وقرأ الجمهور:«ليضل» بضم الياء، وقرأها الباقون: أبو عمرو وعيسى وابن كثير وشبل (بفتحها) ثم أمر تعالى نبيه أن يقول لهم على جهة التهديد قولا يخاطب به واحدا منهم: تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ أي تلذذ به واصنع ما شئت، والقليل: هو عمر هذا المخاطب، ثم أخبره أنه مِنْ أَصْحابِ النَّارِ، أي من سكانها والمخلدين فيها.
وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة:«أمن» بتخفيف الميم، وهي قراءة أهل مكة والأعمش وعيسى وشيبة بن نصاح، ورويت عن الحسن، وضعفها الأخفش وأبو حاتم. وقرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر والكسائي والحسن والأعرج وقتادة وأبو جعفر:«أمن» بتشديد الميم، فأما القراءة الأولى فلها وجهان، أحدهما: وهو الأظهر أن الألف تقرير واستفهام، وكأنه يقول: أهذا القانت خير أم هذا المذكور الذي يتمتع بكفره قليلا وهو من أصحاب النار؟ وفي الكلام حذف يدل عليه سياق الآيات مع قوله آخرا: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، ونظيره قول الشاعر [امرئ القيس] : [الطويل]
فأقسم لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
ويوقف على هذا التأويل على قوله: رَحْمَةَ رَبِّهِ. والوجه الثاني: أن يكون الألف نداء، والخطاب لأهل هذه الأوصاف، كأنه يقول: أصاحب هذه الصفات قُلْ هَلْ يَسْتَوِي فهذا السؤال ب هَلْ هو