عنه: معنى الآية لا علم لنا إلا علما أنت أعلم به منا.
قال القاضي أبو محمد: وهذا حسن، كأن المعنى لا علم لنا يكفي وينتهي إلى الغاية، وقال ابن جريج: معنى ماذا أجبتم؟ ماذا عملوا بعدكم وما أحدثوا؟ فلذلك قالوا لا علم لنا.
قال القاضي أبو محمد: وهذا معنى حسن في نفسه، ويؤيده قوله تعالى: إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ لكن لفظة أُجِبْتُمْ لا تساعد قول ابن جريج إلا على كره، وقول ابن عباس أصوب هذه المناحي لأنه يتخرج على التسليم لله تعالى ورد الأمر إليه، إذ قوله ماذا أُجِبْتُمْ لا علم عندهم في جوابه إلا بما شوفهوا به مدة حياتهم، وينقصهم ما في قلوب المشافهين من نفاق ونحوه، وما ينقصهم ما كان بعدهم من أمتهم والله تعالى يعلم جميع ذلك على التفصيل والكمال. فرأوا التسليم له والخضوع لعلمه المحيط وقرأ أبو حيوة «ماذا أجبتم» بفتح الهمزة.
يحتمل أن يكون العامل في إِذْ فعلا مضمرا تقديره اذكر يا محمد إذ جئتهم بالبينات وقالَ هنا بمعنى يقول، لأن ظاهر هذا القول أنه في القيامة تقدمة لقوله أنت قلت للناس، وذلك كله أحكام لتوبيخ الذين يتحصلون كافرين بالله في ادعائهم ألوهية عيسى، ويحتمل أن تكون إِذْ بدلا من قوله يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ [المائدة: ١٠٩] ونعمة الله على عيسى هي بالنبوءة وسائر ما ذكر وما علم مما لا يحصى، وعددت عليه النعمة على أن أمه إذ هي نعمة صائرة إليه وبسببه كانت، وقرأ جمهور الناس «أيّدتك» بتشديد الياء، وقرأ مجاهد وابن محيصن «آيدتك» على وزن فاعلتك ويظهر أن الأصل في القراءتين «أيدتك» على وزن أفعلتك، ثم اختلف الإعلال، والمعنى فيهما قويتك من الأيد، وقال عبد المطلب:
الحمد لله الأعز الأكرم ... أيدنا يوم زحوف الأشرم
و «روح القدس» هو جبريل عليه السلام، وقوله فِي الْمَهْدِ حال كأنه قال صغيرا وَكَهْلًا حال أيضا معطوفة على الأول. ومثله قوله تعالى: دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً [يونس: ١٢] والكهولة من الأربعين إلى الخمسين. وقيل هي من ثلاثة وثلاثين، والْكِتابَ في هذه الآية: مصدر كتب يكتب أي علمتك الخط. ويحتمل أن يريد اسم جنس في صحف إبراهيم وغير ذلك. ثم خص بعد ذلك التوراة وَالْإِنْجِيلَ بالذكر تشريفا، والْحِكْمَةَ: هي الفهم والإدراك في أمور الشرع. وقد وهب الله الأنبياء منها ما