وذهب قوم إلى أن الْأَبْرارَ و «المقربين» في هذه الآية لمعنى واحد، يقال: لكل من نعم في الجنة، وذهب الجمهور من المتأولين إلى أن منزلة الأبرار دون المقربين، وأن الْأَبْرارَ: هم أصحاب اليمين وأن المقربين هم السابقون، وعَيْناً منصوب إما على المدح، وإما أن يعمل فيه تَسْنِيمٍ على رأي من رآه مصدرا، أو ينتصب على الحال من تَسْنِيمٍ أو يُسْقَوْنَ، قاله الأخفش وفيه بعد، وقوله تعالى:
ثم ذكر تعالى أن الأمر الذي أَجْرَمُوا بالكفر أي كسبوه كانوا في دنياهم يَضْحَكُونَ من المؤمنين ويستخفون بهم ويتخذونهم هزؤا، وروي أن هذه الآية نزلت في صناديد قريش وضعفة المؤمنين، وروي أنها نزلت بسبب أن علي بن أبي طالب وجمعا معه مروا بجمع من كفار مكة، فضحكوا منهم واستخفوا بهم عبثا ونقصان عقل، فنزلت الآية في ذلك.
للمؤمنين، ويحتمل أن يكون للكفار، وأما الضمير في يَتَغامَزُونَ
فهو للكفار لا يحتمل غير ذلك، وكذلك في قوله: انقلبوا فاكهين معناه: أصحاب فاكهة ومزج ونشاط وسرور باستخفافهم بالمؤمنين يقال: رجل فاكه كلابن وتامر هكذا بألف، وهي قراءة الجمهور، ويقال: رجل فكه من هذا المعنى. وقرأ عاصم في رواية حفص:«فكهين» بغير ألف، وهي قراءة أبي جعفر وأبي رجاء والحسن وعكرمة، وأما الضمير في:«رأوا» وفي قالُوا: قال الطبري وغيره: هو للكفار، والمعنى أنهم يرمون المؤمنين بالضلال، والكفار لم يرسلوا على المؤمنين حفظة لهم، وقال بعض علماء التأويل: بل المعنى بالعكس، وإن معنى الآية: وإذا رأى المؤمنون الكفار قالوا إنهم لضالون وهو الحق فيهم، ولكن ذلك يثير الكلام بينهم، فكأن في الآية حضا على الموادعة، أي أن المؤمنين لم يرسلوا حافظين على الكفار، وهذا كله منسوخ على هذا التأويل بآية السيف، ولما كانت الآيات المتقدمة قد نطقت بيوم القيامة، وأن الويل يومئذ للمكذبين ساغ أن يقول: فَالْيَوْمَ على حكاية ما يقال يومئذ وما يكون، والَّذِينَ رفع بالابتداء، وقوله تعالى: عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ معناه: إلى عذابهم في النار، قال كعب: لأهل الجنة كوى ينظرون منها، وقال غيره بينهم جسم عظيم شفاف يرون معه حالهم، وهَلْ