للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره، وذكر أهل العلم أن هذه الأسماء هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة» وذكرها الترمذي وغيره مسندة.

قوله عز وجل:

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٩ الى ١٤]

وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣)

إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤)

هذا الاستفهام هو توقيف مضمنه تنبيه النفس إلى استماع ما يورد عليها، وهذا كما تبدأ الرجل إذا أردت إخباره بأمر غريب فتقول أعلمت كذا وكذا، ثم تبدأ تخبره. والعامل في إِذْ ما تضمنه قوله حَدِيثُ من معنى الفعل، وتقديره وَهَلْ أَتاكَ ما فعل موسى إِذْ رَأى ناراً أو نحو هذا، وكان من قصة موسى عليه السلام أنه رحل من مدين بأهله بنت شعيب وهو يريد أرض مصر وقد طالت مدة جنايته هنالك فرجا خفاء أمره، وكان فيما يزعمون رجلا غيورا فكان يسير الليل بأهله ولا يسير النهار مخافة كشفة الناس فضل عن طريقه في ليلة مظلمة وندية ويروى أنه فقد الماء فلم يدر أين يطلبه فبينما هو كذلك وقد قدح بزنده فلم يور شيئا إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا أي أقيموا، وذهب هو إلى النار فإذا هي مضطرمة في شجرة خضراء يانعة قيل كانت من عناب، وقيل من عوسج، وقيل من عليقة، فلما دنا منها تباعدت منه ومشت، فإذا رجع عنها اتبعته فلما رأى ذلك أيقن أن هذا أمر من أمور الله تعالى الخارقة للعادة، وانقضى أمره كله في تلك الليلة، هذا قول الجمهور وهو الحق. وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال: أقام في ذلك الأمر حولا ومكثه أهله ع: وهذا غير صحيح عن ابن عباس وضعيف في نفسه. وآنَسْتُ معناه أحسست ومنه قول الحارث بن حلزة: [الخفيف]

آنست نبأة وروعها القن ... ناص ليلا وقد دنا الإمساء

والنار على البعد لا تحس إلا بالأبصار، فلذلك فسر بعضهم اللفظ برأيت، و «آنس» أعم من رَأى، لأنك تقول آنست من فلان خيرا أو شرا. و «القبس» الجذوة من النار تكون على رأس العود أو القصبة أو نحوه، و «الهدى» أراد الطريق، أي لعلي أجد ذا هدى أي مرشدا لي أو دليلا، وإن لم يكن مخبرا. و «الهدى» يعم هذا كله وإنما رجا موسى عليه السلام هدى نازلته فصادف الهدى على الإطلاق، وفي ذكر قصة موسى بأسرها في هذه السورة تسلية للنبي عما لقي في تبليغه من المشقات وكفر الناس فإنما هي له على جهة التمثيل في أمره. وروي عن نافع وحمزة «لأهله امكثوا» بضمة الهاء وكذلك في القصص، وكسر الباقون الهاء فيهما. وقوله تعالى فَلَمَّا أَتاها الضمير عائد على النار، وقوله نُودِيَ كناية عن تكليم الله له، وفي نُودِيَ ضمير يقوم مقام الفاعل، وإن شئت جعلته موسى إذ قد جرى ذكره، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «إني» بكسر الألف على الابتداء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «أني» بفتح الألف

<<  <  ج: ص:  >  >>