محرما. ومعنى الْمُحَرَّمِ على الجبابرة وأن تنتهك حرمته ويستخف بحقه- قاله قتادة وغيره.
وجمعه الضمير في قوله: لِيُقِيمُوا يدل على أن الله قد أعلمه أن ذلك الطفل سيعقب هنالك ويكون له نسل. واللام في قوله: لِيُقِيمُوا هي لام كي هذا هو الظاهر فيها- على أنها متعلقة ب أَسْكَنْتُ، والنداء اعتراض، ويصح أن تكون لام أمر، كأن رغب إلى الله أن يوفقهم بإقامة الصلاة، ثم ساق عبارة ملزمة لهم إقامة الصلاة، وفي اللفظ على هذا التأويل بعض تجوز يربطه المعنى ويصلحه.
وأَفْئِدَةً: القلوب، جمع فؤاد. سمي بذلك لإنفاده، مأخوذ من فأد ومنه المفتاد، وهو مستوقد النار حيث يشوى اللحم.
وقرأ ابن عامر بخلاف: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً بياء بعد الهمزة.
وقوله: مِنَ النَّاسِ تبعيض، ومراده المؤمنون، قال مجاهد: لو قال إبراهيم: أفئدة الناس- لازدحمت على البيت فارس والروم. وقال سعيد بن جبير: لحجته اليهود والنصارى. وتَهْوِي معناه:
تسير بجد وقصد مستعجل، ومنه قول الشاعر [أبو كبير] : [الكامل]
وإذا رميت به الفجاج رأيته ... يهوي مخارمها هويّ الأجدل
ومنه البيت المروي: [السريع]
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن كأنجاسها
وقرأ مسلمة بن عبد الله: «تهوي» بضم التاء، من أهوى، وهو الفعل المذكور معدى بالهمزة، وقرأ علي بن أبي طالب ومحمد بن علي ومجاهد «تهوي» بفتح التاء والواو. وتعدي هذا الفعل- وهو من الهوى- ب «إلى» ، لما كان مقترنا بسير وقصد. وروي عن مسلم بن محمد الطائفي: أنه لما دعا عليه السلام بأن يرزق سكان مكة من الثمرات بعث الله جبريل فاقتلع بجناحه قطعة من أرض فلسطين- وقيل من الأردن- فجاء بها وطاف حول البيت بها سبعا، ووضعها قريب مكة، فهي الطائف، وبهذه القصة سميت، وهي موضع ثقيف، وبها أشجار وثمرات وثم هي ركبة.
قوله عز وجل:
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٣٨ الى ٤١]
رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١)
مقصد إبراهيم عليه السلام بقوله: رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ التنبيه على اختصاره في الدعاء، وتفويضه إلى ما علم الله من رغائبه وحرصه على هداية بنيه والرفق بهم وغير ذلك، ثم انصرف إلى