أفضل البشر، وقد نهى عليه السلام عن تعيين أحد منهم في قصة موسى ويونس، وإما أن يكون التفضيل مقسما فيهم: أعطي هذا التكليم، وأعطيت هذه الخلفة، ومحمد الخمس، وعيسى الإحياء، فكلهم مفضول على وجه فاضل على الإطلاق، وقوله بِمَنْ فِي السَّماواتِ، الباء متعلقة بفعل تقديره: علم بمن في السماوات ذهب إلى هذا أبو علي لأنه لو علقها ب أَعْلَمُ لاقتضى أنه ليس بأعلم بغير ذلك.
قال القاضي أبو محمد: وهذا لا يلزم ويصح تعلقها ب أَعْلَمُ ولا يلتفت لدليل الخطاب وقرأ الجمهور: «زبورا» بفتح الزاي، وهو فعول بمعنى مفعول، وهو قليل لم يجىء إلا في قدوع وركوب وحلوب، وقرأ حمزة ويحيى والأعمش «زبورا» بضم الزاي، وله وجهان: أحدهما أن يكون جمع زبور بحذف الزائد، كما قالوا في جمع ظريف، ظروف، والآخر، أن يكون جمع زبور كأن ما جاء به داود، جزىء أجزاء كل جزء منها زبر، سمي بمصدر زبر يزبر، ثم جمع تلك الأجزاء على زبور، فكأنه قال: آتينا داود كتبا، ويحتمل أن يكون جمع زبر الذي هو العقل وسداد النظر، لأن داود أوتي من المواعظ والوصايا كثيرا، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم، في آخر كتاب مسلم:«وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له» ، قال قتادة زبور داود مواعظ وحكم ودعاء ليس فيه حلال ولا حرام.
الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم في هذه الآية، ليسوا عبدة الأصنام، وإنما هم عبدة من يعقل، واختلف في ذلك. فقال ابن عباس: هي في عبدة العزيز والمسيح وأمه ونحوهم، وقال ابن عباس أيضا، وابن مسعود: هي في عبدة الملائكة، وقال ابن مسعود أيضا: هي في عبدة شياطين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم أولئك الشياطين، وعبدتهم بقوا يعبدونهم فنزلت الآية في ذلك.
وقال ابن عباس أيضا: هي في عبدة الشمس والقمر والكواكب وعزيز والمسيح وأمه، وأي ذلك كان، فمعنى الآية: قل لهؤلاء الكفرة ادْعُوا عند الشدائد، والضُّرِّ هؤلاء المعبودين، فإنهم لا يملكون كشفه ولا تحويله عنكم، ثم أخبرهم على قراءة ابن مسعود وقتادة «تدعون» بالتاء، أو أخبر النبي عليه السلام على قراءة الجمهور، «يدعون» بالياء من تحت، أن هؤلاء المعبودين، يطلبون التقرب إلى الله والتزلف إليه وأن هذه حقيقة حالهم، وقرأ ابن مسعود «إلى ربك» ، والضمير في رَبِّهِمُ للمتبعين أو