وقال عطية العوفي في هذه الآية: نزلت في المنامات التي يراها المؤمن فتسوءه، وما يراه النائم فكأنه نجوى يناجى بها.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول أجنبي من المعنى الذي قبله والذي بعده.
وقرأ نافع وأهل المدينة:«ليحزن» بضم الياء وكسر الزاي، والفعل مسند إلى الشَّيْطانِ، وقرأ أبو عمرو والحسن وعاصم وغيرهم:«ليحزن» بفتح الياء وضم الزاي، تقول حزنت قلب الرجل: إذا جعلت فيه حزنا، فهو كقولك كحلت العين، وهو ضرب من التعدي، كأن المفعول ظرف. وقد ذكر سيبويه رحمه الله هذا النوع من تعدي الأفعال، وقرأ بعض الناس:«ليحزن» بفتح الياء والزاي. و: الَّذِينَ على هذه القراءة رفع بإسناد الفعل إليهم، يقال حزن الرجل بكسر الزاي.
ثم أخبر تعالى أن الشيطان أو التناجي الذي هو منه ليس بضار أحدا إلا أن يكون ضر بإذن الله أي بأمره وقدره. ثم أمر بتوكل المؤمنين عليه تبارك وتعالى: وهذا كله يقوي أن التناجي الذي من الشيطان إنما هو الذي وقع منه للمؤمنين خوف، وللخوف اللاحق للقلوب في هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قرأ جمهور الناس:«تفسحوا» ، وقرأ الحسن وداود بن أبي هند:«تفاسحوا» ، وقرأ جمهور القراء:
«في المجلس» ، وقرأ عاصم وحده وقتادة وعيسى:«في المجالس» . واختلف الناس في سبب الآية والمقصود بها، فقال ابن عباس ومجاهد والحسن: نزلت في مقاعد الحرب والقتال.
وقال زيد بن أسلم وقتادة: نزلت بسبب تضايق الناس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنهم كانوا يتنافسون في القرب منه وسماع كلامه والنظر إليه، فيأتي الرجل الذي له الحق والسن والقدم في الإسلام فلا يجد مكانا، فنزلت بسبب ذلك. وقال مقاتل: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما ليجلس أشياخ من أهل بدر ونحو ذلك فنزلت الآية، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يقم أحد من مجلسه ثم يجلس فيه الرجل ولكن تفسحوا يفسح الله لكم» ، وقال بعض الناس: إنما الآية مخصوصة في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم في سائر المجالس، ويدل على ذلك قراءة من قرأ:«في المجلس» ، ومن قرأ «في المجالس» فذلك مراده أيضا لأن لكل أحد مجلسا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وموضعه فتجمع لذلك، وقال جمهور أهل العلم: السبب مجلس النبي عليه السلام، والحكم